اثبت البحث الذي اجراه "دارون"، ان البشر جميعهم يتشابهون في السخرية والتجهم، حيث تظهر على وجوههم انفعالات مستنسخة لعضلات الوجه. وبالنسبة لـ"دارون" فان حركة تقاسيم وجه الانسان، هي وسيلة للاتصال، فاللغة هنا، هي الانفعالات التي تعكس الحالة من دون الحاجة إلى اطلاق أي عبارة من الافواه. عملية ادارة حركة عضلات الوجه، ليست بالأمر السهل، لانها لا تخضع للارادة الخارجية للانسان، انما تخضع لجملة من الاحاسيس الداخلية التي تفرزها أعصاب الدماغ.
كيت وينسليت تتناسب مع الادوار القاسية
ولذلك، فان امكان تقليد هذه الانفعالات أو تمثيلها، ربما يكون من ابرز تمارين المهارة التي يقوم بممارستها الممثلون أثناء سنوات الدراسة والاعداد الفني. وليس كل الممثلين قادرون على عرض وتقليد انفعالات الوجه بصورة دقيقة، لان ذلك يعتمد أولا وقبل كل شيء على نظام بناء الانسجة العضلية والعصبية لوجه ذلك الممثل. لكن يمكن قراءة ملامح بعض الممثلين الكبار في حالة استقرار ملامحهم، أي قبل ان ينتقلوا إلى لحظات الانفعال السلبية أو الايجابية، وتقدير امكاناتهم الفنية على التكيف أو تقمص الحالة العصبية المطلوبة:
سلفستر ستالون
أكثر ما يميز وجه هذا الممثل، هو الملمح الطفولي، لان تقاسيم وجهه منتظمة، وضحكته تتركز حول الفم والشفاه، حيث تتقلص عضلات هذه المنطقة، وتؤثر على الرقبة، فمع أي ضحكة أو ابتسامة، تتشنج عضلات رقبته. وربما يعود ذلك إلى كونه يتمتع بجسم رياضي، حيث يمارس رياضة الكمال الجسماني، وهو بهذا يحقق انسجاما مطلوبا لتمثيل أدوار متتالية وعضلية. أما عضلات وجهه، فتؤثر أيضا على عينيه، ففي أثناء الضحك يغلق عينيه ويفتح فاهه قليلا، وتبدو هذه الطريقة مفتعلة بعض الشيء.
وقليلا ما يظهر سلفستر ستالون في أدواره المختلفة مبتسما أو ضاحكا، انما يظهر متجهما أو غاضبا أو متوترا، وهذه الملامح قد تناسبه أكثر من ملمح الابتسامة أو الضحك، التي تتطلب تحكما خاصا بعضلات وأعصاب الوجه.
كيت وينسليت
يتميز وجه الممثلة بملامحه القاسية، فحين تضحك تتمدد عضلات خديها، ويندفع حنكها إلى الاسفل، في حين تبقى عضلات وجهها العلوية ساكنة، في الوقت الذي تتحرك فيه عضلات ما بين الحنكين. وضحكتها أو ابتسامتها غير مميزة بصورة عامة. وربما تتناسب ملامحها مع الأدوار الأكثر قسوة، أو الأدوار التي تعتمد على التوتر والتجهم والغضب، أكثر من الأدوار التي تعتمد على الضحكة أو الابتسامة.
سينا ميلر
سينا ميلر وضحكتها..
ضحكتها أكثر اشراقة حيث تتمدد شفتاها ويفتح فوهها، وتبدو عضلات وجهها رائقة ومطاطة. وأثناء الضحكة، تتقلص عندها فتحة العينين، ويكبر مرتفع الخدين، وينبسط الحنك. وهذا النوع من الضحك، أو الابتسامة الطبيعية، يتوافق مع الوجه العريض والشعر الطويل، حيث يكون محياها أكثر جاذبية.
براد بيت
ملامح وجه براد بيت معتدلة للغاية، فهي قادرة على التحول من حالة انفعال إلى أخرى، فبناء عضلات وجهه متناسق وجذاب للغاية. ومن خلال التجربة الفنية التي خاضها هذا الممثل عبر عدد ليس بقليل من الافلام الدرامية المختلفة، يمكن القول، انه قادر وبصورة جيدة على التحكم بانفعالات وجهه السلبية أو الايجابية، على قدر واحد.
أنجلينا جولي
ملامح وجهها متناسقة جدا، غير ان ابرز نقاط الجذب التي تظهر على وجهها تكمن في شفتيها المتفتحتين اللتين تزيدانها ملامح انوثة بارزة. وتبدو تقاسيم وجهها العلوي ملائمة لنوعين من الانفعالات، السلبية والايجابية، إلا ان الجزء الأوسط من الوجه، وخاصة موضع العينين، ربما يتناسب مع انفعالات السعادة، أكثر من انفعالات الغضب والتجهم. بيد ان الخبرة الفنية لهذه الممثلة، قد اثبتت وبدون أدنى شك، قدرتها على الانتقال من حالة انفعال إلى أخرى مغايرة لها، دون أدنى تكلف.