تمكن الممثل الأمريكي كريستوفر ريف من الحصول على شهرة كبيرة في عالم السينما، بعد حصوله على دور البطولة في سلسلة أفلام البطل الخارق "سوبر مان". لكن حياته تحولت إلى مأساة بعد تعرضه لحادث شل حركته بشكل كامل، وأصبح حبيس الكرسي المتحرك. لكن بفضل الدعم الكبير الذي تلقاه من زوجته، تمكن بطل "سوبر مان" من التشبث بالحياة من جديد، بعد أن فكر في الانتحار أكثر من مرة وإنهاء معاناته، فقد حقق عدة إنجازات على الرغم من حالته الصحية.
كريستوفر ريف.. "سوبر مان" البطل الخارق
ولد كريستوفر ريف سنة 1952 في مدينة نيويورك، عاش رفقة والديه معاً حتى سنة 1956 عندما انفصلا، فانتقل للعيش رفقة والدته، التي كانت تعمل في مجال الإعلام. بدأت موهبة ريف في التمثيل تظهر عندما كان في سن التاسعة، هذه الموهبة التي جعلته يسجل في عدة دورات في التمثيل المسرحي، داخل الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا.
الإعلان الترويجي لفيلم "سوبرمان 4" لكريستوفر ريف عام 1987
عندما كان يبلغ من العمر 15 سنة، تمكن من المشاركة في عدة أعمال مسرحية شهيرة، وأصبح اسمه معروفاً بين الممثلين الشباب، خصوصاً بعد مشاركته بأحد الأدوار الصغيرة في فيلم "Gray Lady Down" سنة 1978 في هوليوود. لكن ضربة الحظ الحقيقية في مساره الفني، والتي جعلت منه نجماً في سماء هوليوود، كانت حصوله على دور البطولة، لتقديم شخصية "Super Man"، في الفيلم الذي يحمل الاسم نفسه، خلال السنة نفسها، بعد أن وقع عليه الاختيار في اختبار الأداء الذي رشح فيه حوالي 200 ممثل، من بينهم جيمس برولين وكريستوفر والكن
بالإضافة إلى موهبته، تمكن كريستوفر البالغ من العمر آنذاك 24 سنة، من خطف الأنظار إليه بفضل وسامته ولياقته البدنية، التي كانت واضحة في الفيلم، خصوصاً أنه رفض ارتداء أية بدلات بعضلات مزيفة خلال التصوير، إذ خضع لعدة حصص تدريبية مكثفة من أجل الوصول للشكل المطلوب من أجل تجسيد شخصية "سوبر مان".
تمكن فيلم "سوبر مان" من تحقيق إيرادات مهمة في شباك التذاكر سنة إصداره، وصلت إلى 300 مليون دولار، كما أن النقاد السينمائيين أشادوا بموهبته الكبيرة، فأصبح واحداً من بين أشهر نجوم جيله، الأمر الذي جعله يسخّر شهرته في القيام ببعض الأعمال الخيرية، من بينها زيارة مستشفيات الأطفال.
الفروسية تنهي مساره الفني:
استمر كريستوفر ريف في تقديم دور الشخصية الخارقة "سوبر مان"، في أجزائه الأربعة، التي عرضت سنوات 1980 و1983 و1987. وخلال هذه الفترات، حصل على أدوار أخرى للمشاركة في أفلام جديدة، نذكر منها فيلم "Somewhere in Time" سنة 1980، وفيلم "Deathtrap" سنة 1982.
استمر ريف في تحقيق نجاح تلو الآخر إلى حدود سنة 1993، من خلال فيلم "The Remains of the Day"، لكن بعد سنتين فقط تغيرت حياته، وتحولت من رحلة نجاح إلى مأساة حقيقية، بسبب مشاركته في أحد سباقات الفروسية، وهي واحدة من بين هواياته العديدة، إذ كان يشارك في عدد من السباقات خلال سنة 1994، لكن بعد سنة واحدة فقط، وبالتحديد في 27 مايو/أيار 1995 تعرض لحادث سقوط من فوق ظهر حصانه، أنهى كلاً من مساره في الفروسية والتمثيل.
تعرض ريف خلال سقوطه من فوق ظهر الحصان على كسر في النخاع الشوكي وعظام الرقبة، إضافة إلى إصابة شديدة على مستوى الرأس، ما تسبب له في شلل رباعي منعه من الحركة بشكل كامل، وجعله حبيس الكرسي المتحرك، خصوصاً أن الأطباء أكدوا له ألا أمل في شفائه، وأنه ملزم بالتنفس بجهاز خاص سيرافقه طيلة حياته. حصل ريف على دعم كبير من طرف شريكة حياته، المغنية دانا موروسيني، التي كان قد تزوج بها سنة 1991، إذ أصبحت الداعم الأول والأكبر له بعد أن أصبح طريح الفراش.
بعد سنتين من الحادث الأليم، بدأت الأفكار السلبية تتسلل إلى عقل الممثل الهوليودي، وطلب من زوجته أن تسمح له بأن ينهي حياته، لكنها أجابته بطريقة ذكية، وأكدت له أنها ستكون إلى جانبه دائماً لتحقيق كل ما يريد، مشيرة إلى أنها تحترم قراراته مهما كانت، وإذا كان يريد فعلاً إنهاء حياته يمكن له التفكير في الأمر من جديد، لكن بعد سنتين.
بعد هذا الحوار الذي دار بينه وبين زوجته، شعر كريستوفر بأهميته لأسرته، فقرر عدم الاستسلام، والبحث عن طرق لعلاج ما أصابه، عن طريق الخضوع لعدة عمليات جراحية من بينها إعادة ربط جمجمته بعموده الفقري، والخضوع لجلسات العلاج الفيزيائي بمختلف أنواعه، على الرغم من تأكيد الأطباء أن كل هذه المحاولات غير نافعة، ولن تغير من حاله شيئاً.
مشاريع خيرية وفنية رغم العجز
على الرغم من عجزه، إلا أن كريستوفر ريف عمل على عدة مشاريع منها الخيرية، والفنية، إذ قام بتأسيس، رفقة زوجته، جمعية خيرية تحمل اسميهما، ومركز أبحاث خاص به، من أجل دعم الأبحاث الخاصة بالأمراض المتعلقة بالنخاع الشوكي، والخلايا الجينية الإنسانية من أجل تحسينها.
كما أنه عاد من جديد إلى عالم الفن، لكن هذه المرة من خلال دخوله عالم الإخراج والإنتاج السينمائي، سنة 1997، بفيلم "In the Gloaming"، الذي حصل على 4 جوائز "CableACE" ورشح لـ5 جوائز إيمي برايم تايم. كما أنه خاض تجربة أخرى في مجال الإخراج في الفيلم الكرتوني "Everyone's Hero"، لكن تم إصداره سنة 2006، أي بعد سنتين من وفاته، وأشهر من وفاة زوجته، وكان قد حقق إيرادات مهمة في شباك التذاكر، وصلت إلى أزيد من 16 مليون دولار.
توفى كريستوفر ريف في سنة 2004، عن عمر يناهز 52 سنة، بعد مضاعفات في حالته الصحية التي أدخلته المستشفى وأصيب بسكتة قلبية بعد 16 ساعة من دخوله العناية المركزة، بعد أن كان قد تعافى من عدة التهابات خطيرة في النخاع الشوكي خلال سنتي 2002، و2003.