حملته الموسيقى وحملها من بلاده المغرب، الى فرنسا فبلادنا ليستقر فيها. منذ كان صغيرا احب الموسيقى فبادلته الحب، وهو اليوم يرى انها " اجمل حاجة في الدنيا"، ويفكر في تاسيس فرقة موسيقية تعيد اليه فرحا تسرب من بين يديه على حين غرة واراد ان يعيده ليطرب ويـُطرب.

الفنان المغربي حسن اسولين قبالتي

في بيته القائم في يافة الناصرة جلس الفنان المغربي حسن اسولين قبالتي، وهو يستعيد ذكرياته مع الموسيقى معشوقته الاولى وربما الاخيرة، قال انه ولد في مدينة مراكش قبل نحو الخمسة عقود من الزمن، لعائلة عرف الطرب طريقه الى افرادها، فاحبوا الموسيقى الشرقية لاساطينها البارزين امثال محمد عبد الوهاب وام كلثوم خاصة. ابناء عائلته اكتفوا بالاستماع، الا انه تجاوزهم حين ابتدا بالمشاركة في الغناء مع الجوقة الطلابية في مدرسته الابتدائية، ومنفردا في الاحتفالات المدرسية الخاصة. بعد ان كبر وشب عن الطوق التحق اسولين بمعهد الحارثي في مدينته مراكش في المغرب، لتعلم العزف على العود، هناك تعلم مدة ثلاثة اعوام، مكنته من مهارة خاصة في مداعبة اوتار العود، وهو ما لفت اليه الانظار.

في اواسط السبعينيات كون فرقة موسيقية في نشطت في بلاده المغرب، بعدها بقليل تعرف الى الفنانة اليهودية المغربية ريموند ابو قسيس، وابتدا العمل معها، فانتقل للعمل معها في العاصمة الفرنسية باريس. بعدها زار بلادنا برفقة ريموند ابو قيسي ثلاث مرات، لغرض المشاركة في عروض موسيقية، الزيارة الاخيرة من بين هذه الزيارات تمت عام 1994، وكان ان تتوجت بارتباطه بامراة من الناصرة، وهو ما زال يقيم معها، بعد ان انس للحياة هنا في هذه البلاد وارتاح للناس فيها بصورة عامة. الى جانب عمله في الموسيقى عازفا على التي العود والكمان وعمله فنانا مغنيا، ومنظما للحفلات، عمل اسولين في مجال الالكترونيكا، ما زال يعمل فيها الى جانب عمله في مجال الموسيقى.

تمتد الاغنية الطربية في ربوع اسولين على المساحة الواسعة منها، فهو دائم العزف والغناء، كما انه دائم الاستماع الى ما يحبه ويهواه من اغاني الطرب العربي الاصيل. اساله ماذا تعني بهذا الطرب، فيفتر ثغره عن ابتسامة ودود، ويرد بلهجة مغربية واضحة وغامضة احيانا في بعض من معانيها: انها اغنية متكاملة في عالمها كلمة راقية في معانيها، الحان متعوب عليها واداء متميز، ويداعب الة الكمنجة بين يديه، عازفا لحنا لواحدة من اغاني ام كلثوم هي القلب يعشق كل جميل، يتوقف فجاة ليواصل القول: اين اغاني هذه الايام الخفيفة من تلك الاغاني العامرة بالفكر والاحساس وذات الجاذبية والاثراء الروحي. احاول ان استفزه فاساله عن رايه في الاغنية الحديثة، فيرد قائلا: لا اخفي ان هذه الاغاني لا تعجبني. استمعت الى القليل منها، غير انني ما لبثت ان توقفت عن هذا الاستماع. انا لا اميل الى اغنية ليس فيها طرب و" لا تعبي الراس"، من يتعود على الاستماع لاغاني عبد الوهاب وام كلثوم، لا يستطيع الاستماع الى ما تبثه الفضائيات من اغان خفيفة، ما ان يستمع اليها الناس حتى ينسوها وكانما هي لم تكن. عمر الاغنية الحديثة قصير اما عمر الاغنية الطربية فانه طويل، ربما كان يكفيني ان اقول هذا لاعبر عن رايي في الاغنية الحديثة.

لكل جيل اغانيه، والاغنية عالم متجدد

لكن للاغنية الحديثة جمهورها الواسع معظم ابناء الاجيال الجديدة يفضلون الاستماع الى الاغاني الحديثة، هل جميع هؤلاء ساذجون ولا يفهمون كما توحي؟ ينتفض في مجلسه، مرسلا ابتسامة تميزه يرد قائلا: لا اعرف ماذا اقول لك، انا لا استهين باحد. اعرف ان لكل جيل اغانيه، وان الاغنية عالم متجدد. ما اريد ان اقوله هو انني لا اتذوق ما تبثه الفضائيات من اغان حديثة، اما فيما يتعلق بابناء الاجيال الجديدة، ربما كان هؤلاء يريدون ان يرقصوا، قد يكون عصر الكلمة ابتدا في ادارته لظهره، فاسحا المجال للصورة، بالنسبة لي سابقى محبا مغرما للاغنية الطربية العربية الاصيلة. ما يعزيني انه ما زال جمهور يستمع الى ما نقدمه اليه من اغان طربية تفرح القلب والروح.

واين تقف اليوم؟ اعود فاساله، فيرد قائلا: في المغرب وجدت لدي فرقة، وكذلك في اسرائيل، قبل فترة توقفت عن العمل في مجال الموسيقى. اسارع فاساله لماذ فعلت هذا؟ لماذا توقفت وانت تحب الموسيقى كل هذا الحب؟ فيرد قائلا: هذا هو السؤال الاكثر اهمية، ما حصل هو انني اكتشفت ان هناك زملاء عملوا معي والى جانبي، شرعوا يخربون علي ويسعون لاخذ عروض فنية كنت اتوقع ان اخذها، وهو ما ادى في النهاية لتفكك الفرقة التي اسستها هنا في البلاد، والى تفرق اعضائها ايدي سبا. انا الان وحيد وبدون فرقة تعمل معي. وماذا تنوي ان تفعل في الفترة المنظورة؟ يبتسم مرة اخرى، يقول: ساعيد بناء ما تهدم، ماذا تنتظر من انسان احب الموسيقى كل هذه المحبة واغرم بها كل هذا الغرام ان يفعل، سوى ان يعيد بناء ما تهدم لمواصلة رحلته المطربة مع الاوتار، الكلمات والاغاني.

اتمنى لاسولين التوفيق في مسعاه لاعادة تاسيس فرقة موسيقية تقدم الطرب العربي الاصيل لجمهوره وامضي وانا استمع لاغنية ام كلثوم "القلب يعشق كل جميل" تنبعث من هناك من بيته، بيت حسن اسولين، الفنان المغربي المقيم في يافة الناصرة.