لماذا يتم التعتيم على الرقص الشرقي في وسائل الإعلام العربية، مع أنه في الواقع يتصدّر الحفلات، يبدو أن هذا الفن، الذي يعرّف عنه بأنه لغة التعبير بواسطة الجسد، في طريقه إلى الزوال بعد اعتزال الراقصات المحترفات وتخليهن عن النجومية.
المفارقة أن هذا الفن الذي يضمحلّ عربياً يلقى انتشاراً كبيراً في الغرب لا سيما في أوروبا والولايات المتحدة، وأضحى رياضة جسدية ونفسية تمارس ليس بهدف الاحتراف وإنما لاكتساب لياقة عالية للجسم ومزيد من الثقة بالنفس والتمتّع بوقت مسلٍّ ومفيد.
ناديا جمال... رائدة
في لبنان، لا يمكن الحديث عن الرقص الشرقي من دون توجيه لفتة وفاء إلى ناديا جمال التي اشتهرت في خمسينيات القرن الماضي وستينياته بفنها الرفيع واقتحمت السينما المصرية إلى جانب الراقصات المصريات من بينهن تحية كاريوكا ونجوى فؤاد، وارتقت برقصها إلى مستوى الاحتفال الطقوسي الرائع. لم تكتفِ بالشهرة بل افتتحت في ثمانينيات القرن الماضي معهداً للرقص الشرقي في المدرسة اللبنانية للباليه التي تشرف عليها الفنانة جورجيت جبارة، وتخرجت على يديها مجموعة من الراقصات اللواتي برزن في ثمانينيات القرن الماضي وتسعينياته واحتلت أسماؤهن صفحلات المجلات وملصقات الحفلات.
كذلك برزت في تلك الفترة راقصات استطعن تحقيق النجومية وتخطت شهرتهن لبنان إلى العالم العربي والغربي من بينهن: هويدا الهاشم وسمارة وأماني وناريمان عبود... إلا أنهن ما لبثن أن ابتعدن عن الأضواء، ففضلت أماني إنشاء مدرسة رقص خاصة بها لتدريب الهواة واختارت ناريمان الزواج ثم الاعتزال فيما عادت سمارة إلى الرقص بعد غياب طويل، أما هويدا الهاشم فهي الغائب الأكبر على رغم مطالبة الجمهور الدائمة بعودتها.
تراجع في المستوى
أسفت مدربة الرقص نادرة عسّاف وعضو لجنة تحكيم برنامج "ستوديو الفن" لتراجع مستوى فن الرقص في العالم العربي ولعدم مشاركة فتيات لبنانيات يتمتعن بموهبة الرقص الحقيقية في برامج تُعنى بهذا الفن، "لأن المجتمع الذي نعيش ضمنه ينظر إلى الراقصة نظرة خاطئة ويعتبر أن الرقص هو عرض أجساد".
أضافت عساف أنه على رغم هذا المفهوم، الذي لن يتغيّر، سيبقى الرقص أحد أهم الفنون ولغة التعبير بواسطة الجسد، إلا أنها استغربت قلة الصبايا اللواتي تقدّمن إلى هذه الفئة في "ستوديو الفن" مع أن كماً كبيراً منهن يعشق الرقص، وأصيبت بخيبة لأنها توقعت أن يكون مستوى أدائهن أفضل.
مهنة لن تزول
لطالما صرحت الراقصة أماني في الإعلام وخارجه أن شرف الرقص الشرقي يُهدر على أجساد الدخيلات على هذه المهنة، وقدّمت استعراضات في لبنان والعالم لتؤكّد أن الرقص هو فن وليس تجارة رخيصة تبغي الكسب السريع والإثارة. كذلك شددت الراقصة المصرية دينا في أكثر من مناسبة على أن "اختفاء الرقص الشرقي عيب في حقنا وأن هذه المهنة تراجعت لكنها لن تزول لأنها فن جميل وحقيقي".