قابلتني بابتسامة تنم عن شخصية تفيض مرحا وتفاؤلاً وإنسانية وتواضعاً، فخلت أنني التقي صديقة بعد مضي سنوات من الغياب، فهي تشعر من يراها للتو بأنه يعرفها منذ سنوات. عرفها جميع الفلسطينيين، سواء عرب الداخل أو فلسطينيو الضفة الغربية وغزة، عن نفسها قالت بأنها تهوى ممارسة كل ما هو "صح" وتحدثت عن طفولة هانئة أتاحت لها ممارسة هواياتها التي تقف المطالعة على رأسها، إضافة إلى السباحة، كما تهوى اللغة العربية وتخصصت بها، مما دعم هواية التمثيل وسهل عليها إتقان أدوارها التاريخية بشكل مستساغ وسلس فيما بعد، ناهيك عن عدم ارتباطها حتى الآن، الأمر الذي ساعدها على التفرغ التام للفن.
ملائكية اعتلت قسمات وجه سهير ذات
الملامح العربية الغربية
تلك هي خضراء العينين ابنة وأخت الجميع الفنانة سهير الفهد والتي خطت خطوتها الأولى نحو مشاورها الفني وهي لم تتجاوز العشر سنوات، بتشجيع من والدتها المنتجة أسماء خوري. وتمكنت من أن تلازم مقاعد الدراسة والاستوديوهات الفنية معاً.
أحبها الأطفال كما أحبها الكبار، بعد أن عرفت كفنانة شاملة تمكنت من التنويع بشكل حاذق. فلو بحثنا في أرشيف الإذاعة، سنجد صوتا لملاك صغير عشقته الأذن قبل العين، حاكى الأطفال من خلال كورال الأطفال واجتذبهم، ليبث الروح بعدها في شخصية "كابتن ماجد" و"التنين الصغير" اللذين اعتبرا من أشهر شخصيات الكرتون التي انطبعت في أذهان الأطفال.
لم يكن الصوت ملائكياً فحسب بل إن الملائكية اعتلت قسمات وجه سهير ذات الملامح العربية الغربية، التي ساعدتها رغم تفرد أدائها على أن تتماشى مع مجمل الأدوار، وعلى أن تدخل القلوب من غير استئذان فيحسها المشاهد كأنها واحدة من أفراد بيته.
وبهذا شهد كم لا بأس به من الفنانين الذين تعاملوا معها ومنهم الفنانة منى واصف والفنان عبد الله غيث والفنانة سهير المرشدي والفنان منعم إبراهيم وغيرهم من الذين قابلتهم في العالم العربي وبشروها بموهبة ومستقبل واعد وهي بدورها لم تخيب ظنهم، وتنوعت بأدوارها ما بين البداوة والمدنية والحداثة والقدم، في الوقت الذي أعجبت ببصماتهم التي خلفوها على أدوارهم المتنوعة.
فكلنا يذكر مسلسل زرقاء اليمامة للمخرج غسان جبري، مثلما يذكر الفاتنة الحسناء ملهمة شعراء المعلقات التي سحرت امرؤ ألقيس واستلبت لب طرفة بن العبد. كذلك فان مسرحية "عرس الأعراس " المأخوذة عن "عرس الدم" للوركا، كانت بمثابة مفخرة للفنانة سهير التي سعدت بمقاطعة الجمهور لها اثناء استرسالها من خلال التصفيق الحاد، معتبرة إياها تعبيرا عن الحب الصادق والجارف لها.
عشقت سهير المسرح لان طريقة العرض تستوجب إشعار المشاهد بالدهشة والانبهار، مما يضع الفنان في تحد كبير ومباشر لنفسه أمام الجمهور. وامتازت أدوارها بالجدية، فهي تخشى الكوميديا، قائلة انه يترتب على الفنان في حالة تأدية المشاهد الكوميدية إضحاك الناس على الجملة ذاتها عشرين مرة خلال عشرين عرض وبطريقة مغايرة ومتجددة تلائم اختلاف الجمهور الذي يحضر بمجمل فئاته. لذا فهي تتجنبها، مستذكرة العملاق "مستر بين" الذي تشيد بعبقريته الفذة.
بعض الاعمال تؤثر سلبيا على الذوق العام
أما "وينك"، فهي بصمة تعتز فيها سهير، وهو برنامج تلفزيوني من إعدادها وتقديمها، استضافت فيه فنانين ينتمون إلى المدارس ويتعصبون لها، بينما ينافسهم فنانون يؤيدون الحداثة بتطرف، ليحتد التنافس الحواري وتمثل سهير الوسيط بينهما. تمر سهير بالمراحل النهائية من تصوير المسلسل البدوي "السيف والمها" وتعد للمسلسل المعاصر" ورق الورد" من إخراج سهيل الياس، ومسلسل" دفاتر طوفان"، المأخوذ عن رواية سميحة خريس "دفاتر"، حيث تدعمها بها فرادة ملامحها على أداء دور فتاة شركسية، ويحكي المسلسل عن فترة تواجد الشراكسة في الأردن.
ترى سهير الفهد في بعض الأعمال ومنها الفيديو كليب مؤثرات سلبية على الذوق الفني العام، بسبب الرتابة والملل المترتبان عن الإفلاس الفكري العالمي، مما حث صناع السينما على إيجاد أفلام مغايرة ومثيرة، كفيلم 2012 الذي يحكي عن اليوم الآخر.
وعن سؤالنا عن مراسلة المعجبين لسهير عبر الانترنت، أجابت بأنها ترفض قطعيا تعيين بديل يرد نيابة عنها لان هذا في نظرها استخفاف بالجمهور الذكي الذي لا تخفى عليه خافية، إلا أنها لا تدمن الانترنت وتفضل استقاء المعلومات عبر الكتب، إذ أن الورق هو وثيقة يعتمد عليها، ليس مثل المعلومات المحوسبة التي يمكن التلاعب بها ومن ثم التلاعب بالحقائق وهذا أمر خطير يجب التنبه له.