في قريتنا يسمونها "الغازية".. وفي حارتنا يسمونها "العالمة".. وفي أفراحنا يسمونها "الرقاصة".. وفي العاصمة يسمونها "الفنانة"!! تلك هي الراقصة الشرقية التي لا يكاد يخلو منها فيلم مصري طوال تسعة وسبعين عاما هي عمر السينما المصرية. ويوم بدأت هذه السينما في الثلاثينيات كان الرقص الشرقي في مصر في قمة مجده وازدهاره، فقد كانت هناك بديعة مصابني، التي ظلت تتألق إلى أن ظهرت تحية كاريوكا، وسامية جمال، ونعيمة عاكف، وحورية محمد، وهاجر حمدي، وببا عز الدين.
يسرا
المهم أن الرقص الشرقي أصبح أحد ملامح الحياة الفنية في مصر، لهذا كان لابد أن يفرض نفسه على كل الأفلام، خصوصا في ظل الموجة الاستعراضية التي بلغت ذروتها في الاربعينيات والخمسينيات، وإلى حد أن المطرب لم يكن يظهر في الفيلم إلا خلفه عشرات الراقصات وهن يتلوين على إيقاعات الأغنية. واتخذت الراقصة في أفلامنا صورة نمطية لا تتغير، فهي لا بد أن تعمل في كباريه، ولا بد أن تخطف الرجل من زوجته، ولا بد أن تشارك في عصابة للتهريب أو الاتجار في المخدرات.. والمعنى هو أنها كانت تجسد الشر طوال الوقت في صراعه مع الخير، وتلك هي "التيمة" التي دارت عليها وحولها كل الأفلام.
وفي مطلع السبعينيات قدمت السندريلا سعاد حسني، وصلاح جاهين، وحسن الامام فيلم "خلي بالك من زوزو" وهو الفيلم الذي حاول أن يصحح صورة الراقصة الشرقية ويرد إليها الاعتبار. ونجح الفيلم نجاحا ساحقا إلى حد أن البعض اعتبره أفضل أفلام سعاد حسني، لكن بعد هذا الفيلم، أخذت صورة الراقصة الشرقية تتوارى من أفلامنا، بل إن الراقصة نفسها اختفت أو كادت من الفيلم المصري، لأسباب متعددة، سياسية، واجتماعية، ودينية، وفنية.
واليوم، نقدم من باب الذكرى فقط، هذه المجموعة من الصور الطريفة لكبار فناناتنا وهن يقدمن أدوار الراقصات، ثم وهن ببدلة الرقص الشرقي، وسوف يدهشنا هنا أن نرى فاتن حمامة، وأمينة رزق، وشادية، وسعاد حسني، ويسرا، ونادية لطفي، وبوسي، ومريم فخر الدين، وسميحة أيوب، وميرفت أمين، وسهير رمزي، ونيللي، ونبيلة عبيد، ونادية الجندي، ومديحة كامل، ورغدة، وصفية العمري، وسميرة أحمد، وليلى علوي، وآثار الحكيم، وإلهام شاهين، ومنى زكي، ومي عز الدين، ونيللـي كريم، ونيكول سابا وهن يرقصن في الأفلام ببدل الرقص الشرقي.
فمتى يعود الرقص الشرقي المحترم إلى أفلامنا.. متى يعود عصر تحية كاريوكا، وسامية جمال وناهد صبري ونجوى فؤاد؟ هذا هو السؤال.
فاتن حمامة
سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة التي قدمت شخصية الفتاة الرومانسية والطيبة وغيرها من الشخصيات التي نراها في الواقع، تظهر هنا للمرة الأولى والأخيرة "ببدلة رقص" وكان ذلك في فيلم "بابا أمين" الذي يعد أول أفلام المخرج الراحل يوسف شاهين عام 1950. ولعل أحدا لا يعرف أنه بعد عرض فيلم "بابا أمين" حاول الكثير من المخرجين إقناعها بالظهور في دور راقصة، لكنها رفضت بإصرار.
أمينة رزق
أمينة رزق
رائدة المسرح العربي أمينة رزق، عندما شرع المخرج كمال سليم في إنتاج وإخراج فيلم "البؤساء" عام 1943، لم يتجاهل عند إخراجه للفيلم الذي نجح نجاحا كبيرا، ذوق الجمهور المصري، فقدم رقصة جماعية، ثم رقصة أخرى أدتها أمينة رزق وهي ترتدي ثوبا لا يكشف عن جسدها، إلا أنه قدمها كراقصة على أي حال.
شادية
دلوعة الشاشة شادية مع أحد كبار نجوم السينما اليابانية في فيلم "على ضفاف النيل" من إخراج كونا كوهيرا عام 1962.. وبالرغم من أن شادية قامت بأداء وتقمص شخصية الراقصة على الشاشة في عدد كبير من الأفلام السينمائية، فإنه بعد هذا الفيلم رفضت الكثير من الأعمال الفنية لمجرد أن القصة تحتوي على رقصة أو غناء!
نادية لطفي
لعل فيلم "أبي فوق الشجرة" بطولة عبد الحليم حافظ ونادية لطفي، هو أهم الأفلام التي قدمت نادية لطفي في دور "راقصة"، ثم تلاه فيلم "بديعة مصابني" الذي لعبت فيه أيضا دور الراقصة المعروفة بديعة مصابني التي لقبت بملكة الليل، واستطاعت من خلال وجودها المؤثر في عالم الصالات الفنية والملاهي الليلية أن تقيم علاقات قوية مع العديد من المسؤولين ورجال السياسة خلال فترة الأربعينيات.. وقد سهلت هذه العلاقات الوطيدة هروبها من مصر بطائرة خاصة انتظرتها في صحراء مصر الجديدة خلف حديقة الميرلاند.
سعاد حسني
وفي فيلم "المشبوه" عام 1981 قـدمت سعاد حسني مشهـدا تقمصت فيـه دور "راقصة" حيث تضطرها الظروف القاسية الى العمل كراقصة في أحد الملاهي الليلية حتى تربي ابنها الصغير "ريم عبدالعزيز" الى حين خروج زوجها عادل إمام من السجن.
ميرفت أمين
والطريف أن ميرفت أمين في فيلم "عودة أخطر رجل في العالم" عام 1972، تتنكر في زي راقصة حتى تتمكن بمعاونة خطيبها مفتاح فؤاد المهندس من القبض على أحد أفراد العصابات الدولية.
نبيلة عبيد
من أبرز أدوار نبيلة عبيد دورها كراقصة من خلال أفلام: "مارة الأمير" "الراقصة والطبال" و"الراقصة والسياسي". وتقول الفنانة نبيلة عبيد إنها قدمت دور الراقصة سونيا سليم في فيلم "الراقصة والسياسي" عام 1990 بشكل عصري، وهو يختلف كلية عن دور أي راقصة في الماضي من التي كانت تخرب البيوت.
نادية الجندي
نادية الجندي
نجمة الجماهير نادية الجندي.. التي وجدت نفسها في أدوار الراقصات منذ أول فرصة لها في التمثيل من خلال دورها في فيلم "بمبة كشر" عام 1974 حتى دور الراقصة حكمت فهمي التي اشتهرت بدورها السياسي وعملها في مجال جمع المعلومات لمصلحة المخابرات الألمانية ضد الانكليز، وكذلك دورها في فيلم "وداد الغازية" عام 1983، حيث أدت فيه دور راقصة في أحد الموالد الشعبية، وتتحول فجأة إلى وطنية تواجه الظلم والفساد.
سهير رمزي
أما الفنانة سهير رمزي، فلم تكن تختار أدوار الراقصات.. وإنما كان الاختيار من المخرجين، فلماذا ترفض ما دام الفيلم جيدا مثل فيلم "ليال" إخراج حسن الامام عام 1982.. وهو الفيلم الذي جسدت فيه دور راقصة شهيرة ارتبطت بقصة حب مع أحد الشبان، حتى تكتشف في النهاية أنه سلبها كل أموالها فتضطر إلى قتله.
سميرة احمد
سندريلا الأمس سميرة أحمد، التي لم تتقيد داخل قالب فني معين، والتي كانت دائما تهتم بالتفاصيل الصغيرة لكل شخصية سواء في طريقة كلامها أو ملابسها، لأن هذا هو الذي يفرق بين شخصية وأخرى.. وهو ما تؤكده سميرة أحمد في فيلم "بنت بديعة" الذي أدت فيه دور راقصة في أحد الكباريهات، ثم تنتحر ولا يستطيع أحد انقاذها.
ليلى علوي
قدمت ليلى علوي دور الراقصة من خلال أول إنتاج سينمائي لها وهو "يا مهلبية.. يا" من إخراج شريف عرفة عام 1991.. وتقول ليلى علوي: إن عبء أداء شخصية الراقصة يقع في المرتبة الأولى على الممثلة، فلابد أن تكون صادقة على الشاشة وفي تقمص اداء هذه الشخصية التي تحتاج إلى قدرة ومواهب تمثيلية خاصة.
سمية الخشاب
كما قدمت سمية الخشاب دور الراقصة ناهد في فيلم "حين ميسرة" اخراج خالد يوسف عام 2007.
منى زكي
وقدمت منى زكي دور الراقصة "بطة" في فيلم "خالتي فرنسا" مع عبلة كامل عام 2004... وتقول الفنانة منى زكي إنها لا تمانع أبدا في تقديم دور الراقصة على الشاشة ولكن السؤال هو: كيف يقدم؟.. والاجابة هي أن الممثلة حين تؤدي أدوار الراقصات فيجب أن تقدمها بحرفية وبفن رفيع ومن دون ابتذال أو إيحاءات مشينة من أي نوع، وإلا فقد المشهد جماله لسبب بسيط هو أن المتفرجين يعرفون أن الراقصة التي أمامهن هي في الحقيقة راقصة.
نيكول سابا
نيللي كريم
وقدمت الفنانة اللبنانية نيكول سابا دور الراقصة في فيلمي "التجربة الدانماركية" مع عادل إمام عام 2003، و"قصة الحي الشعبي" مع سعد الصغير عام 2006.
نيللي كريم
والغريب أن شخصية "صفية" التي قدمتها الفنانة نيللي كريم في فيلم "غبي منه فيه" مع هاني رمزي عام 2004، كانت سببا في نجاح الفيلم، بل إنها تعد الشخصية الأكثر بريقا. وتؤكد نيللي انها لم تتخيل ردود الأفعال الإيجابية والرائعة تجاه دورها في فيلم "غبي منه فيه" وإجماع النقاد والجمهور لأول مرة معا على أنها راقصة من العيار الثقيل.
مي عزالدين
وقدمت الفنانة مي عز الدين دور الراقصة أيضا في فيلم "أيظن" إخراج اكرم فريد عام 2006 بنجاح، وهو الدور الذي اعتذرت عنه معظم الممثلات.
وفي تاريخ السينما المصرية لا نكاد نجد نجمة وسوبر ستار إلا لعبت دور الراقصة وفي أكثر من فيلم أيضا، بين راقصة تغوي الرجال وتوقع بهم في شباكها، وزوجة تفتن زوجها برقص جميل حيث تراوحت مشاهد الرقص التي اقتحمت السينما المصرية، فتبارت فيها النجمات لتقديم وصلات رقص كاملة، بعضها كان موظفا دراميا، وأكثرها كان مقحما.