على الرغم من مشوارها الطويل في السينما المصرية، فإن لأفلامها مع النجم عادل إمام طعما خاصا، حتى أصبح الجمهور ينتظر هذه المعادلة (يسرا + عادل إمام = فيلم جيد). لكن هذه المعادلة التي بدأت مفرداتها عام 1977، شهدت في السنوات الأخيرة حالة من البيات السينمائي، ودخلت على الخط فنانات أخريات، تكن يسرا لهن كل الحب والتقدير، ثم عادت معادلة النجمين الشهيرين لقوسها الأثير مع فيلم "بوبوس" الذي يعرض حاليا.. عن هذه العلاقة، وما خلفته من رصيد حب لدى الجمهور فتحت يسرا قلبها لـ"الشرق الأوسط" من القاهرة، كما تحدثت عن المسلسل الرمضاني القادم، الذي يشاركها فيه نخبة من شباب وقدامى الفنانين.. فإلى نص الحوار:
على الرغم من نجاح 14 فيلما مع النجم عادل إمام طوال مشواركما الفني فإن هذا النجاح توقف لعدة سنوات، برأيك ما أسباب ذلك؟
"ما كنتش مصدقة نفسي" |
كل الأفلام المميزة فعلا قدمتها مع العملاق عادل إمام، ولكن الانفصال لم يكن مقصودا مع وجود ظروف منعتنا من استكمال المسيرة الفنية الناجحة، بالإضافة إلى حب كل منا للفن بأنواعه المختلفة، كذلك حبنا للتواصل مع فنانين آخرين، وكان ذكاء شديدا من النجم عادل إمام وهو التعامل مع العديد من النجمات، وكان ذلك كله في صالحنا. فعندما عدنا للتمثيل معا وجدنا انتظار الجمهور لهذا الثنائي.. لكني أؤكد أن انفصالنا فنيا فقط ولم توجد أي مشكلة يوما ما، وعلاقتنا على المستوى الإنساني دائما وطيدة جدا، وعلى النطاق الأسري تربطني علاقة صداقة مع زوجة الفنان عادل إمام.
كيف جاء التعاون مرة أخرى مع النجم عادل إمام؟
منذ فيلم "عمارة يعقوبيان" تحدثت مع عادل إمام كثيرا بشأن رغبتي في العودة للتمثيل معه في عمل ضخم يكون هو البطل وأنا البطلة.. وبالفعل أكد لي أن ذلك سيحدث قريبا، حتى جاء فيلم "بوبوس" كنت طايرة من الفرحة.. "ما كنتش مصدقة نفسي" لأني كنت أريد استكمال نجاح أعمالنا معا واستثمار أبرز ثنائي في السينما المصرية، وأعتقد أننا كنا خفافا جدا على الجمهور طوال سنوات، فشعر دائما بالاختلاف فيما بين شخصيتينا داخل تلك الأعمال، وهذا العمل أعتقد أنه أقوى الأعمال التي قمت بها مع النجم عادل إمام بل هذا العمل أحياني مرة أخرى في السينما المصرية.
ماذا تقصدين بأنه أقوى أعمالك مع عادل إمام؟
أقصد الشخصية مختلفة عن الشخصيات التي قمت بتأديتها معه، فأنا أقدم شخصية كوميدية وهي شخصية جديدة على يسرا لم أقدمها من قبل، ويرجع الفضل في المقام الأول لعادل إمام ثم الكاتب يوسف معاطي، فلأول مرة يرى سيناريست أنه باستطاعتي تقديم الشخصية الكوميدية، ثم المخرج العبقري وائل إحسان الذي اكتشف في ما لم يكتشفه أي مخرج آخر، فعلى الرغم من تعاملي مع عمالقة من المخرجين إلا أنهم لم يتوصلوا إلى هذا الجزء من شخصيتي فأنا مدينة له بالفضل ولكل المشاركين في العمل.
ماذا كانت خطة تجهيزك لهذا العمل باعتباره عودة كنت تنتظرينها؟
بإحساسي بأن رجوعي لعادل إمام بداية جديدة لي بالسينما، فعملت على كل شيء خاص بالشخصية التي سأقدمها من حيث الورق، ذاكرت النص جيدا، بالإضافة إلى "استايل" الملابس لأني كنت أفكر في ظهوري بطلة مختلفة للجمهور لدرجة أني استعنت بملابسي الشخصية.. فجميع فساتيني بالعمل من دولابي.. بجانب أني قمت بعمل "دايت" لكي أصل إلى ميزان معين وكنت أقيس بالمازورة حتى أصل إلى هذا القوام واستطعت بالفعل، فنقص وزني 6 كيلوغرامات مع المواظبة على الرجيم والاستعانة بمدرب خاص، ورغم ذلك كنت مرعوبة من رد فعل الجمهور.
كيف عشت العرض الخاص للفيلم؟
كنت في حالة من الجنون وخائفة جدا وانتظرت ظهوري على الشاشة وكأني وجه جديد، فعادل إمام كان جالسا بجواري ونظر لي وقال "يسرا هو انت منتظره ظهورك على الشاشة؟" بضحك، ورددت عليه قائلة "طبعا.. أنا خايفة من رد فعل الإعلاميين والجمهور" وهذا شعور جديد علي، فأنا دائما لا أشعر بالرضا عن أي عمل أقدمه إلا من خلال جمهوري.. لكن بعد العرض فوجئت بتصفيق حاد وتهنئة من الجميع بالعودة إلى السينما بمثل هذا العمل.
ولكن الفيلم تعرض لهجوم كثير من النقاد خاصة النجم عادل إمام ما رأيك؟
أيام زمان كانت الصحافة |
لا أعرف كيف نهاجم فنانا "شايل" السينما المصرية على أكتافه طوال السنوات الماضية وفتح الأبواب أمام الكثير من الكوميديانات، فهو مدرسة ويجب الحفاظ عليها فلا يصح أن يكون هناك هجوم هكذا عليه.. وأنا لست ضد النقد ولكني مع النقد البناء.. وأنا أرى أن أغلب الصحف الآن ليست حيادية ولكنها مجاملة بعض الشيء للبعض على حساب الآخرين.. الصحافة كانت زمان.
ماذا تقصدين بأن الصحافة كانت زمان؟
أيام زمان كانت الصحافة مكملة للفنان وكان يوجد بينهما ود واحترام فكانت تداري على أخطاء الفنانين، وكانوا يحاولون الحفاظ علينا جدا، وكان لهم دور مهم في تقييم الفنان وتعديل مساره وكنا أصدقاء لدرجة أننا كنا نتصل بهم لنستشيرهم في أمورنا، فكنا نعتبر أن الصحافة متزوجة من الفن.. لكن الآن لو اتصل بي أحد ولم أرد عليه، يهاجمني في عمود أو مقالة وهو نوع من التحدي.. لكني أقول إن هناك الكثير من الصحافيين المحترمين الآن وهذه الظاهرة بدأت تظهر نتيجة كثرة المجلات والجرائد، لكن في النهاية أطلب منهم أن تحافظ الصحافة مرة أخرى علينا وأن تحترم حياتنا الخاصة.
لكن الفيلم يوجد به الكثير من المشاهد التي تتطابق مع فيلم "بخيت وعديلة" كما ذكرت إحدى الناقدات، هل قرأت ذلك؟
بصراحة أنا كنت مسافرة دبي ولم أقرأ أي نقد عن الفيلم ولا أريد قراءة أي نقد حول الفيلم، فلا أريد أن أضيع فرحتي ونجاحي و"كمان مش عايزة أعرف" من هي الناقدة قائلة هذا الكلام.. لكن فكرة فيلم "بوبوس" فكرة مختلفة تماما عن "بخيت وعديلة"، فـ"بوبوس" يتحدث عن الأزمة الاقتصادية في حوار بين سيدة أعمال أفلست ورجل أعمال أفلس، تدور الأحداث في شكل كوميدي وهذا هو الشبه بينه وبين "بخيت وعديلة" أن كليهما كوميدي، لكن من حق الجميع أن يقول رأيه كما يريد وأكيد أن الجمهور الواعي يستطيع أن يفرق بين النقد البناء الهادف وبين غيره.
ماذا عن مسلسلك الذي يتم تصويره الآن؟
هو بعنوان "خاص جدا" تأليف السيناريست تامر حبيب، وهي المرة الأولى له في كتابة الدراما، وقام بمجهود ضخم في كتابة السيناريو ويعمل عليه منذ سنتين وطبيعته السينمائية غلبت عليه فسوف يخرج هذا العمل الدرامي بثوب سينمائي جديد على الدراما المصرية. وتتناول أحداثه العديد من القضايا الاجتماعية ولم يقتصر على قضية معينة وهو من إخراج غادة سليم وهي المرة الأولى لها في الإخراج، ومن إنتاج المنتج جمال العدل، ويتضمن كوكبة من النجوم على رأسهم محمود قابيل ورجاء الجداوي وهنا شيحة، ومجموعة من نجوم السينما كالتونسية درة، ويسرا اللوزي، وإيمي سمير غانم، وعمرو محمود يس، والأردني إياد نصار، ويتم تصويره بتقنية سينمائية أيضا وهذا جديد على الدراما المصرية وأنا متحمسة للفكرة وأراهن على المسلسل وهو مختلف عن كل أعمالي السابقة.
وما هو دورك في المسلسل؟
أجسد دور "شريفة"، وهي طبيبة نفسية معروفة على مستوى العالم العربي متخصصة في العلاج النفسي حيث تمتلك عيادتين نفسيتين إحداهما في القاهرة والأخرى في دبي، لذا تقضي نصف حياتها في مصر والنصف الآخر في دبي.. وتبدأ الأحدث باعتراف زوج شريفة والد ابنتها الوحيدة بعد أكثر من خمسة وعشرين سنة وقصة حب وكفاح كبيرة، اعترافه بخيانتها، لذلك تصر شريفة على الطلاق، وتبدأ بالتركيز في عملها وعلاجها لمرضاها الذين يقومون بدورهم كضيوف شرف.
ألم تخشي التعامل مع مخرجة لأول مرة؟
ذهبت إلى أطباء نفسيين كثيرين |
إطلاقا.. غادة سليم مخرجة مجتهدة ولديها حماس وتريد أن تفعل أي شيء لتنجح في بدايتها وعندها فرصة كبيرة بالتعامل مع المجموعة الموجودة داخل العمل، وقد كانت مساعدة مخرج للمخرج العالمي يوسف شاهين، وغادة سليم صديقتي منذ أكثر من أربعة عشر عاما ولا أخاف إطلاقا من التعامل معها وهذا مشروعنا جميعا منذ سنتين، وغادة أصرت على أن يقوم تامر حبيب بكتابة السيناريو.
لكن تردد في وسائل الإعلام أنه يوجد خلافات بينكم؟
لا أعرف من وراء هذه الإشاعات، مرة يقال "يسرا لا يوجد لها أعمال رمضانية" ومرة أخرى "يسرا تفتعل المشاكل مع المخرج ومع السيناريست وخلافات مع الشركة المنتجة"، وهذا ليس بجديد، فكل عام يحدث الأمر ذاته، فأنا وغادة يكمل بعضنا بعضا، وكل فريق العمل داخل المسلسل.
لماذا أنت حريصة كل عام على العرض في رمضان؟
في رمضان توجد نسبة مشاهدة عالية جدا، والجمهور ينتظرني كل عام وتعود على وجودي بعمل درامي رمضاني.. وعلى الرغم من رغبتي في أن أستريح، لكني أتذكر الجمهور المصري والعربي وأنه في انتظاري فأعدل عن قراري.
تقومين بدور طبيبة نفسية في هذا العمل.. هذا الدور قدمته السينما والدراما من قبل.. فهل من جديد في دور شريفة؟
بصراحة.. هو جديد جدا لدرجة أننا سنغير فكرتنا عن الذهاب للدكتور النفسي، حيث إن المصريين والعرب عموما ينظرون إلى من يذهب إلى الطبيب النفسي على أنه "مجنون"، ولكن الحقيقة أننا جميعا نحتاج للذهاب إليه كي يسمعنا أحد من دون أن يفشي أسرارنا وكلامنا معه، والذهاب إلى الطبيب النفسي لا علاقة له باللجوء إلى المهدئات كما نراه في بعض الأعمال فسوف نقدمه بشكل مختلف.. وسوف نتطرق إلى العديد من النواحي التي لم يقدمها أحد من قبل.
هل استعنت بقصص حقيقية لمرضى؟
ذهبت إلى أطباء نفسيين كثيرين ومن أبرزهم د. أحمد عكاشة، وذهبت إلى مصحة نفسية وجلست مع مرضى حقيقيين وتكلمت معهم، وهذا أفادني كثيرا بوجود قصص لأشخاص عايشوها وهم فئة من المجتمع مهمة جدا وحضوري للكثير من المؤتمرات أنا وتامر حبيب.. تقريبا جميع الحالات التي تظهر في المسلسل واقعية وحياتية معاصرة.
أنت على المستوى الشخصي هل ذهبت إلى طبيب نفسي؟
بالفعل حدث عام 1985، سافرت إلى أميركا والتقيت طبيبة في هيوستن جلست معها لمدة أربع ساعات متواصلة أتحدث وأبكي بشدة حتى فرغت تماما من الحديث وبعد ذلك ارتحت، وكأني ولدت من جديد، ولم تكن تعرفني تماما، وبعد ذلك انصرفت ولم أرها بعد ذلك، وهذا ليس بعيب فالذهاب إلى الطبيب النفسي لا عيب فيه، أؤكد ذلك وكانت تجربة رائعة فتحدثت مع أحد لا يعرفني ولن يبوح بأسراري.
معنى ذلك أنك لا تتحدثين مع أصدقائك وتشكين لهم؟
|
دائما أحكي ما يصلح للحديث مع الأصدقاء لكن هناك أمورا لا أتحدث فيها إلا مع نفسي وأخشى دائما أن أحكي في لحظة ضعف فتتسرب أسراري وتتناقل بين الألسنة.. مع العلم أن لي أصدقاء رائعين، أستطيع أن أستأمنهم على أسراري.
هل يوجد عقد احتكار مع المنتج جمال العدل؟
هو أخ وصديق لي، ولا يوجد بيننا أي نوع من العقود، فكل عام يتصل بي تليفونيا ويسألني "هتشتغلي السنة دي" فأرد عليه "أنا تعبت في الشغل اللي فات"، ولكني أعود وأقول "مش هنعمل حاجة السنة دي" فعلاقتنا لا تنتظر أي نوع من العقود.
معنى ذلك أنك لا تتحدثين عن الأجر في العمل؟
أعتبر الأجر عرضا وطلبا، ولا أتحدث فيه ويعرف من يتعامل معي كيف يكون أجر يسرا حتى إن وجدت ممثلة أخرى "تقول" إنها تأخذ أكثر مني فلا يهمني.
هل تمنيت أن تؤدي دور ميرفت أمين في فيلم "مرجان أحمد مرجان"؟
بالطبع لا فالدور لميرفت أمين، فهو عودة لميرفت أمين، فكانت جميلة جدا في هذا الدور وأصابني خوف شديد عندما علمت بتعرضها لوعكة صحية، فلم أكن أعرف أني أحبها هكذا، وأنا مؤمنة بأن ما يريده الله هو ما سيكون ولا أنظر إلى أي شيء لأحد غيري.
ما رأيك في الدراما التركية؟
شاهدت أربع حلقات منها بعد إشادة العديد من الصحف المصرية بها، وانتابتني حالة من "الغيظ" من حيث التطويل في الأحداث، والغريب أن الصحافة تدعمها على حساب الدراما المصرية ولو كان المسلسل مصريا لأبطال مصريين لانتقدنا الجميع.
هل ما زالت علاقتك قائمة بالنجمة فاتن حمامة؟
طبعا علاقة الصداقة بيننا لا تنتهي على مدار الزمن، فأنا أعتبرها الأم الروحية لي، لقد تعلمت منها الكثير على المستويين الفني والشخصي.. فهي مبدعة لم تأت السينما المصرية بغير فاتن حمامة واحدة وأعتقد أن السينما العالمية لم تنتج مثلها.