فتي السينما الشقي الذي أصبح ركناً من أركانها وضلعاً كبيراً في حسبة السوق وشباك التذاكر.. ولم لا وهو الشاب ذو القدرات الخارقة سواء علي مستوي التمثيل أو الموهبة الفنية فهو الأول علي دفعته في معهد الفنون المسرحية.. تألق في العديد من الأعمال وأصبح علامة من علامات الفن في مصر والعالم العربي.. انه أحمد السقا الذي قالوا عنه إن رائحة العالمية تفوح منه وتكسوه الموهبة الطاغية التي لا يختلف عليها أحد.
أصبحت بالنسبة لكثير من الشباب نموذجاً وقدوة فهل هذا يمثل حملاً كبيراً عليك عند اختيار أدوارك؟
كبرت سناً واكتسبت خبرات
لا أشعر بهذا الحمل إطلاقاً. لأن الغالبية العظمي من الشخصيات التي أقدمها علي الشاشة قريبة مني ومن أفكاري.. ومعظم أدواري علي الشاشة هي جزء من شخصيتي الحقيقية. وأعتقد أن هذا يكون حملاً علي من يضطر لتغيير شخصيته علي الشاشة، أما أنا فشخصيتي لم تتغير منذ أن كنت في الصف السادس الابتدائي. فحياتي التي أعيشها لم تتغير حتي الآن. إلا انني كبرت سناً واكتسبت خبرات أكثر وأصبحت أكثر عقلاً وحكمة. لكني مازلت حتي الآن أرتدي البنطلون الجينز والتيشيرات. ولا أرتدي البدلة إلا في الأفراح. فطبيعتي التي أتعامل بها مع الناس لا تكون حملاً أو عبئاً علي. وأعتبر انني أمارس لعبة تشبه الشطرنج. وهناك فرق كبير بين أن تكون من عناصر اللعبة. أو أن تشاهدها من بعيد. فمشاهدة الدنيا من بعيد أجمل بكثير من العيشة فيها.
كيف تعيش شخصياتك السينمائية وكيف تتفرج عليها؟
أولاً.. أتفرج عليها خلال قراءتي للسيناريو. لكن بعد ارتدائي الشخصي ودخولي الاستوديو أكون أنا الشخصية وهي أنا. ومع ذلك فلا أعرف ماذا أفعل حتي أسمع كلمة "أكشن" من المخرج. وساعتها أشعر أن لغة الجسد والتفاصيل البصرية والحركية للشخصية التي ألعبها تخرج مني بعد هذه الكلمة وعندما يصدق الممثل الشخصية التي يجسدها فإن كل ما يقدمه علي الشاشة يبدو حقيقياً. وهذه إحدي مدارس التمثيل ومن الممكن أن يتفق معي البعض أو يختلف. وهذا الأمر طبيعي وليس عيباً.
ما رؤيتك لمزج الأكشن بالدراما في أفلامك؟
أحاول قدر الإمكان أن تكون الدراما في أعمالي هي البطل وأن يكون الأكشن فقط عنصر جذب للمشاهد. وأن تستوعب الجمهور العمل درامياً لا أن يفرض عليها. وأن يكون الأكشن موظفاً داخل الأحداث لا أن يكون فقط مجرد "شو". فأنا أتحكم في نفسي لكي لا تكون نسبة الأكشن في الفيلم أكبر من حجم الحدث، وهناك فرق بين أن يكون الممثل هو من يقدم الأكشن بنفسه. وبين فنان آخر يأتي في مشهد وهو يجري ويأتي في مشهد آخر بعد أن يكون قد انتهي من الجري. وأنا أحب عمل كل مشاهد الأكشن بنفسي لأن ربنا سبحانه وتعالي أعطاني القدرة والصحة علي أن أقدم كل متطلبات الشخصيات التي أجسدها بنفسي. فلماذا أتردد في عملها. وفي فيلم "إبراهيم الأبيض" كانت هناك مشاهد أكشن ومطاردات استخدمنا فيها الأسلحة البيضاء وكانت صعبة جداً. واستغرقت في تعلمها أكثر من 4 أشهر.
ولكن في كثير من الأحيان تتعرض للمخاطر؟ لا يشغلني إن كانت قصص
أفلامي حقيقية أم لا
هناك من يحصلون علي نقود كثيرة جداً من أجل تأميني في كل مشهد صعب أصوره. كما اني تعلمت الأكشن ودرسته. وهذا ليس معناه انني سأقدم حتي المشاهد الصعبة التي لا أعرفها. فما لا أعرفه لن أقدمه، وأجمل شيء تحديداً في أكشن فيلم "إبراهيم الأبيض" أنه لم يفصل بين الدراما والأكشن لأنهما متداخلان ومتناغمان جداً.
تعرض الفيلم بعد عرضه في مهرجان "كان" لبعض الانتقادات منها أن نسبة المشاهد الدموية كبيرة جداً فما تعليقك؟
لماذا يقول الأجانب علي "إبراهيم الأبيض" فيلم دموي. رغم أن أفلامهم مليئة بالدماء وهم من ابتدعوها. كما أن هناك كثيراً من الأفلام لن أذكر أسماءها. كانت أحداثها دموية أيضاً ولم يعلق أحد عليها بشيء.
هل هذا يشير إلي أن أفلامك عن قصص حقيقية؟
إنما كممثل لا يشغلني إن كانت قصص أفلامي حقيقية أم لا. ثم إن هناك فرقاً بين الشخصية السينمائية والمواطن العادي في رؤية الأشياء. فالإنسان العادي إذا مر مثلاً علي "خرابة" سيراها مثلما هي. أما الفنان فسيراها من زوايا معينة بأشكال جمالية. ونحن فعلنا هذا في إبراهيم الأبيض. ونقلنا الواقع في شكل ملحمي وفني. يقترب إلي الإغريقي في نزعته. وكان مرادنا تفخيم هذه النوعية من البشر. وإلقاء الضوء عليهم وعلي حياتهم من زاوية جمالية وليس من زواية "فجة".
لماذا لا تؤكد أن أفلامك لها صلة بالحقيقة رغم أن هذا في صالحك؟
إذا كان صحيحاً أن الفيلم له صلة بقصة حقيقية فسيكون مردود هذا جيداً علي مستوي الإيرادات. كما أنه يفيد في الدعاية للعمل. لكن إذا كانت هناك شخصيات كثيرة مثل "إبراهيم الأبيض" تكون مصيبة سوداء. وأنا لست مقتنعاً بأن هناك قصة حقيقية تنقل إلي السينما كما هي. لأن هذا لا يحدث إلا في الأفلام الوثائقية.
قيل أيضاً بعد عرض الفيلم في "كان" إنه علي طريقة أفلام "رامبو" و"روبن هود" ما تعليقك؟
أعتقد أن النقاد الأوروبيين رأوه كذلك لأنهم يشاهدون الفيلم من منظورهم. ولكن إذا دخلتم علي موقع "يوتيوب" ستجدون عليه معارك حقيقية مصورة في مناطق مختلفة. هذه المعارك هي التي قدمناها في الفيلم ولكن في صورة سينمائية. كما أن الأكشن والعنف عندنا مختلف تماماً عن الغرب فنحن عندنا "الخناقة" تنتهي في دقيقتين وهناك جملة شائعة في "المناطق الشعبية" هي الأيد السابقة لاحقة ونحن مختلفون عن الأوروبيين في هذا المجال. وهذا ليس دفاعاً عن الفيلم. ومع احترامي لوجهة نظرهم. لكنهم كيف يحكمون علي الفيلم من هذه الزاوية وهم لا يعيشون معنا ولا يعرفون ثقافتنا.
في الفترة الأخيرة اتجهت لتقديم أفلام أكثر عمقاً وقرباً من المجتمع. هل تقصد هذا؟ أؤمن بأن الطموح المشروع أوقع
عندما تخرجت في الأكاديمية. وجاء لي فرصة أن ألعب الأدوار الرئيسية. أردت تقديم كل الأدوار. وكنت غاضباً لأني كنت مقتنعاً انني أقدم نمطاً واحداً فقط في السينما. ولكني اكتشفت أخيراً انني لم أقدم نمطاً واحداً. بل قدمت أشكالاً وشخصيات مختلفة فقدمت الطبيب البيطري في فيلم "مافيا" وطفل الشارع في فيلم "أفريكانو" والعميل في فيلم "مافيا" والنصاب في "تيتو" والعاشق في فيلم "عن العشق والهواء" وفيلم "حرب إيطاليا" وقصة الحب التقليدية بين ابن وبنت الجيران في فيلم "تيمور وشفيقة" وعملت الصعيدي في فيلم "الجزيرة" وفي نظر البعض مستوي أدائي لم يختلف لكني سعيد انني قدمت شخصيات مختلفة، كما أن بعض هذه الأفلام بها أيدلوجيات لم أقصدها لأني صاحب فكر يدعو للتفاؤل. ومكافح بشكل عنيف و"شريف طبعاً" وأحاول بقدر الإمكان أن أقدم شخصيتي الحقيقية في السينما. وعندما أقدم دور "روبن هود" لا أحب أن أتركه ينتصر حتي إذا تعاطف المشاهد معه لأني أريد أن يعجب المشاهد فنياً لا أن يقلده علي أرض الواقع.
اين انت من السينما العالمية ؟
أسمع هذه الجملة كثيراً. لكني أؤمن بأن الطموح المشروع أوقع. فهناك نوعاً من الطموح يعمي الإنسان. وأنا لا أريد التفكير كثيراً في هذه العالمية لأن التطلع لها ممكن يعمي. لذلك الأولوية بالنسبة لي للموجود في يدي. وإذا جاءت لي الفرصة في فيلم عالمي سأهتم بها.
أنا القنصل القادم
وافقت علي سيناريو فيلم "إبراهيم الأبيض" قبل دخولك "الجزيرة" فهل استقريت علي فيلمك المقبل؟
نعم فيلمي المقبل جاهز للتصوير.. وبغض النظر عن فيلم "الديلر" الذي سأنتهي منه في أول شهر يوليو المقبل. لدي بالفعل فيلم لايت كوميدي تحت عنوان "القنصل" من إخراج عمرو عرفة. ويقوم ببطولته معي خالد صالح.
كيف رأيت التعاون مع مروان حامد؟
مروان واحد من أفضل مخرجي السينما في العالم العربي. وواجهة مشرفة للسينما المصرية.
كانت دعوة العرض الخاص علي هيئة "مطواة" هل هذا نوع من الدعاية؟
لن أختلف معك.. فالفكر الاقتصادي يغلب علي شكلها بالفعل.