أعلنت إدارة مهرجان الحمامات الدولي إلغاء الحفل الذي كان منتظرا أن تحييه على مسرح مدينة الحمامات في التاسع من الشهر الجاري الفنانة التونسية المقيمة في الولايات المتحدة الأميركية آمال المثلوثي، وفسر عدد من وسائل الإعلام والمتتبعين هذا القرار بأنه ردة فعل على الانتقادات التي تعرضت لها الفنانة في الآونة الأخيرة بسبب زيارتها لإسرائيل، حيث اتهمها كثيرون بالتطبيع..
وصرحت المثلوثي -التي اشتهرت بكونها أحد أبرز أصوات ثورة الياسمين 2011- أنها فوجئت بإلغاء حفلها في مهرجان الحمامات الدولي، وقالت إن الخبر بلغها من خلال الجمهور، واستنكرت "الأسلوب الذي استخدم معها"، كما استنكرت اتهامها بالتطبيع واعتبرته "كاذبا".
النقابة التونسية: "آمال المثلوثي بريئة من التطبيع ونطالب مهرجان الحمامات بالاعتذار لها"
وأنكرت الفنانة التونسية أي تعامل مباشر مع أي طرف إسرائيلي أثناء زيارتها لمدينتي رام الله والقدس، وبررت الزيارة برغبة الفلسطينيين في الانفتاح على الثقافة العربية بدلا من البقاء تحت حصار وضغط المناخ الإسرائيلي المحيط.
ودخل الإعلام التونسي على خط الأزمة وسط حالة جدل بين مؤيد ومعارض للقرار، وجاء موقف رواد مواقع التواصل الاجتماعي بتونس أكثر عنفا. وساهم كتّاب الرأي في التعليق على هذا السلوك الذي أدى بفنانة بحجم ومواهب المثلوثي إلى موقف حرج وملتبس في مهرجان دولي يعقد في بلادها.
وتصدى الكاتب غسّان بن خليفة، العضو بالحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني لرد آمال بمقال في موقع "انحياز" التونسي، قائلا "لا أحد يجادل في حقّ الفلسطينيين تحت الاحتلال في التواصل مع الفنانين العرب والنفاذ إلى الثقافة العربية. طرح الموضوع بهذه الطريقة خاطئ، حتى لا نقول فيه مغالطة. فهذه المسألة، كغيرها، يفترض أن توضع في سياق ما يتطلبّه الصراع الفلسطيني/العربي مع الكيان الصهيوني من أولويات ووسائل نضال ومقاومة".
وتابع: "بعبارة أخرى، يفترض أن يتّجه النقاش إلى الإجابة عن السؤالين التاليين: أيّهما أنفع للقضية ولتعزيز صمود ومقاومة الفلسطينيين: السماح بهذه الزيارات أم رفضها؟ وهل هذه الزيارات تسمح فعليا بفكّ عزلة الفلسطينيين أم تؤدّي إلى تعزيزها؟".
وكان الصحفي الفلسطيني يوسف الشايب، والذي غطى الحفل الغنائي للمثلوثي في رام الله، قد امتدح "الموقف النضالي" للمطربة في جريدة "الأيام" قائلا "وكما غنّت لفلسطين والثورة، كان الجمهور على موعد مع أغنيات للحريّة، فيها من التحريض ما يجعلها مناضلة حقيقية من أجل كرامة الإنسان في كل مكان، ومنها أغنية كتبها فنّان "راب" تونسي في فترة حكم "الدكتاتورية والبوليسية"، وممّا جاء في مطلعها: "ما تخلّي الكرامة تطيح.. احكي أتكلم ناقش قول: ليبرتا"، وهو عنوان الأغنية التي تعني "حريّة"، ضمن توليفة جمعت بين أغنيات ألبومها الأول الذي يحمل اسم "أغنية الثورة"، والأحدث بعنوان "يوميّات تونس"، وأغنيات أخرى لفلسطين، عنها ومنها".
وأدلت المثلوثي، التي اشتهرت بأغاني الحرية، بسلسلة من التصريحات لوسائل الإعلام المحلية مؤكدة خلالها أن قرار إلغاء الحفل يأتي على خلفية اتهامها بـ"التطبيع الثقافي" مع إسرائيل وهو "غير مبرر".
ونفت ما تردد بشأن غنائها في مدينة حيفا، حيث كان يفترض أن تحييه في غاليري بار فتوش، وهو بملكية عربية في حيفا مضيفة "كانت فكرة، وألغيت، بعد أن انسحبت باقتناع". وقالت المثلوثي: "فلسطينيون تواصلوا معي للمشاركة في الحفل، أصوات فلسطينية مع أصوات عربية، والتنظيم فلسطيني، ما المشكل في ذلك؟ دخلت إلى فلسطين عبر ختم فلسطيني ولم أتعامل بأي شكل من الأشكال مع أي إسرائيلي"
زيارة وحفل غنائي سري:
المطربة التونسية، التي تحمل الهوية الأميركية وتعيش في نيويورك بالولايات المتحدة، فاجأت جمهورها بزيارة للأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك ضمن جولة غنائية شملت 3 حفلات، في القدس وبيت لحم إضافة إلى رام الله، في إطار فعاليات مهرجان ليالي الطرب في قدس العرب الذي نظمه معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى بالشراكة مع مركز يبوس الثقافي.
لقطات لـ آمال المثلوثي في حفلها في رام الله
وقالت المثلوثي إن حفلا آخر كان من المقرر إقامته في حيفا لكنها ألغته، غير أن إعلانا يطالب الجمهور بالحفاظ على سرية الحفل أثار الكثير من الانتقادات، وخاصة من الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني.
وجاءت تصريحات المثلوثي في تبريرها لدخول إسرائيل مؤكدة أن ما فعلته من محاولات لإلغاء الحفل لم يكن إلا خضوعا لضغوط الجمهور، إذ قالت في معرض تبريرها للزيارة " إن "زيارة السجين لا يمكن أن تكون تطبيعا مع السجان"، وإن "المشاركة في الحفل لا تعني التطبيع بل هي نوع من المقاومة".
وآمال المثلوثي ولدت في تونس عام 1982، وبدأت مشوارها الفني عام 2008، وهي تغني وتلحن وتؤلف الأغاني، وقد دعيت للغناء في مراسم استلام "رباعي الحوار الوطني" التونسي لجائزة نوبل للسلام في أوسلو عام 2015.