يتعرض المطربين للعديد من المواقف الصعبة والطريفة عند الغناء في الأفراح خاصة إذا كانت خارج حدود القاهرة وفي محافظات لها تقاليد وطقوس في إظهار الفرحة والاحتفال بالعرس، وهو ما حدث لموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب والمطرب الشعبي عبد العزيز محمود في أفراح أقيمت بأسيوط جنوبي الصعيد. التفاصيل جاءت في مجلة "الكواكب" 1953 تحت عنوان "غناء على رصاص الصعيد" وروى بعض عازفي التخت ما تعرض له مشاهير المطربين في حفلات الزفاف التي اشتركوا فيها.
محمد عبد الوهاب - بلاش تبوسني في عينيا
ومن المواقف التي تعرض لها محمد عبد الوهاب في بداياته أنه دعي ذات مرة لإحياء حفل زفاف أحد أعيان أسيوط، ومن عادة أبناء أسيوط في حفلات الزفاف أن يظهروا إبتهاجهم وفرحهم بإطلاق الرصاص، وجلس "عبد الوهاب" بين أفراد التخت ليغني وبدأت الفرقة تعزف المقدمة الموسيقية وإذا بصوت الرصاص يأتي من بعيد وقال "عبد الوهاب" متسائلا "إيه الحكاية"، وهمس أقرب عازف إليه قائلا "مفيش حاجة دول من بلد بعيدة".
اطمأن عبد الوهاب إلى أن صوت الرصاص لن يصل إلي سرداق الحفل وبدأ يغني، إلا أن صوت الرصاص لم ينقطع بل يقترب وفجأة يدوي داخل السرداق فقد وقف المدعوين يردون تحية القادمين من بعيد وأغمى على "عبد الوهاب" واستدعى صاحب الفرح أحد الأطباء الذي أسرع بإسعافه وعندما أفاق عاد إلى الغناء مرة ثانية ولكن اشترط على صاحب الفرح أن يمنع مدعويه من ابتهاجهم بهذه الطريقة المخيفة ووافقه صاحب الفرح على أن يعود للغناء.
وطلب أحدهم من "عبد الوهاب" أن يغني "حب الوطن فرض عليا أفديه بروحي وعنيا" وإذا بأحد المدعوين تأخذه الحماسة فأطلق الرصاص من بندقيته وتبعه باقي المدعوين تحية للعريس وهنا أسرع عبد الوهاب إلي غرفة العريس وأغلق على نفسه الباب ورفض أن يفتح ما لم يقسم صاحب الفرح أن يوصله حالا إلي محطة السكة الحديد ووعده صاحب الفرح وسافر عبد الوهاب في منتصف الليل إلي القاهرة وهو لا يصدق أنه خرج سليما.
الأمر كان أشد وطأة مما حدث مع المطرب عبد العزيز محمود مقارنة بـ"عبد الوهاب" وفي أسيوط أيضا حيث ذهب "عبد العزيز" لإحياء حفل زفاف وكان يتمتع بالشجاعة إذ سمع طلقات الرصاص التي تأتي تحية للعريس دون أن يبدو عليه الخوف، ولكن أحد المدعوين كان مغرم بأغاني عبد العزيز محمود وطلب منه أن يغني أغنيته "القطر ماله اتأخر ليه" فحرك رأسه بعلامة الموافقة وأنه سوف يغنيها بعد فترة ولكن المدعو اعتبر أن التأجيل إهانة له وأخرج مسدسه وهو يقول "لا تغنيها دلوقتي".
وكان يقف خلف هذا المدعو مجموعة من "الخفراء" الخاصين به فصوبوا بنادقهم اتجاه عبد العزيز محمود ورددوا كلام الرجل الذي يعملون لديه وهم يقولون "لا تغنيها دلوقتي" واستجاب لهم عبد العزيز محمود وأشار على أفراد فرقته بعزف موسيقى الأغنية وبدأ يغني وأفواه البنادق مصوبة إليه "القطر اتأخر ليه".