مرة جديدة، كسبت إذاعة "صوت الريان" التحدي، فجمعت في سبع ليالٍ متتالية أبرز وألمع نجوم الفن الخليجي، الذين حضروا لمقابلة جمهور الدوحة في موقع يعبر عن ثراء ثقافي تراثي يجتاز العصور: سوق واقف. واستقطبت السهرات جماهير منقطعة النظير، كانت على الموعد يومياً لمقابلة النجوم الخليجيين في أمسيات فنية شعبية فاضت بأصالة الطرب والتميّز الإبداعي.
وبعد أن أسدلت الستارة على مهرجان الربيع يوم السبت الفائت، يمكن القول أن إذاعة "صوت الريان" هي حالياً في صدارة حماة التراث الشعبي والفن الحقيقي، فقد قدمت مهرجانات عديدة ناجحة بامتياز خلال الأشهر القليلة السابقة، وأصبحت فعالياتها موعداً ينتظره أبناء البلد والمقيمين فيه والسياح من الخليج والعالم العربي بشكل عام.
وفي حملتها لحفظ التراث الغنائي الشعبي من الاندثار، لم تتجاهل "صوت الريان" المواهب القطرية الناشئة، التي كانت لها فرصة في أن تعتلي خشبة المسرح إلى جانب نجوم كبار من رواد الفن الخليجي. خلال أمسيات المهرجان، تعرف الجمهور على مواهب قطرية واعدة، تدعمها الإذاعة وتقدم لها فرصة إظهار ما لديها، ورفع اسم بلادها عالياً أمام المئات في موقع الحدث، ومئات الآلاف من المشاهدين الذين تابعوا الفعاليات بشكل مباشر عبر شاشة الفضائية القطرية.
عزازي يعلن الانطلاق
على وقع أغنيتي "تدلل" و"جرحت القلب"، افتتح الفنان السعودي عزازي مهرجان الربيع، مقدماً أجمل ما احتواه الريبرتوار الشعبي من أغنيات قديمة وجديدة. وقد اعتاد جمهور مهرجانات "صوت الريان" على عزازي الذي يعتبر من "أهل البيت" بعد أن شارك في خمسة مهرجانات سابقة للإذاعة، إلى جانب مهرجان الربيع الأخير.
والتهبت صفوف الجمهور حماسة حين قدم الفنان عزازي من قديمه أغنيات مثل "نصف الشهر" و"وينك البارح" و"أنت السبب" و"أشوف اليوم". ولمع في السهرة الأولى نجم الفنان القطري الشاب علي بن نورة، الذي أدى أغنية "يا أبوعبدالله"، فضلاً عن "البارحة"، و"يا سود الأيام".
اللحن العدني مع خواجة
في ثاني أمسيات المهرجان، كانت الأغنية اليمنية سيدة الموقف، واستمتع الجمهور بأصالة اللحن العدني مع الفنان اليمني عبود خواجة. ومن الأغنيات اليمنية والشعبية الخليجية التي قدمها خواجة "الثلوت" و"بندر عدن"، وهما من كلمات وألحان محمد سعد عبدالله. وازداد الجمهور تفاعلاً مع ارتفاع الإيقاع خلال السهرة، فردد مع خواجة أغنية "الجابري" من كلمات وألحان الأمير أحمد فضل القومندان، و"إيش الأخبار" من كلمات وألحان عبدالقادر بركات، و"حرام يا زين" من كلمات وألحان بشير الشرمي، و"القلب في حيرة" من كلمات وألحان أحمد يوسف الزبيدي.. إضافة إلى باقة مميزة من الأعمال ذات الألحان الشعبية اليافعية اليمنية، والتي لاقت صداً هاماً لدى الجمهور منذ انتشارها لأول مرة، مثل "بعد الآن" و"أمسيت ساهرا"، من كلمات يحيى عمر، ناهيك عن "طريق أهل الهوى" و"يا ريت ما جيت"، وأخيراً وليس آخراً أغنية "أوهمني" التي كتب كلامها فتحي العطيل، وقام الفنان خواجة بتلحينها بنفسه.
سعد جمعة يشيد بالمهرجان
صحيح أنها المرة السادسة التي يقابل فيها الفنان السعودي سعد جمعة جمهور الدوحة، لكنها المرة الأولى التي يقف فيها على خشبة مسرح سوق واقف، وقد اعتبر جمعة مشاركته في مهرجان الربيع "وسام على صدره"، خصوصاً أن هذا الحدث هو من تنظيم "صوت الريان" التي "تهتم وتعمل من أجل توثيق التراث الغنائي الشعبي الخليجي وحفظه"، على حد قوله في تصريح له.
ورغم الضباب الذي مد بساطته فوق سوق واقف، شهد المهرجان في الليلة الثالثة منه سهرة غنائية ناجحة بامتياز، انطلقت مع الفنان القطري الشاب عادل الجيلاني الذي سبق له وأطل على جمهور سوق واقف في موسم سابق من المهرجان خلال عيد الفطر الماضي. وقدم الجيلاني للحضور ثلاث أغنيات هي: "كل واحد له الله" و "مني مساك الخير" و "يقول أبو حِمْيَر". واعتبر الفنان الشاب في حديث صحافي له أن مشاركته هذه هي "فرصة من أجل إثبات ذاته". ويشار إلى أن الجيلاني هو أحد المواهب في مشروع "بيت الطرب" الذي ترعاه إذاعة "صوت الريان"، ويهتم بصقل المواهب الشابة وتعميق ثقافتها الموسيقية.
ووسط تصفيق حاد، اعتلى الفنان سعد جمعة خشبة المسرح، ليقدم باقة من أجمل الأغنيات الشعبية الخليجية. ولا شك أن لقاء جمعة الأول مع جمهور سوق واقف كان ممتازاً بكل ما في الكلمة من معنى. وأشاد الفنان بمبادرة الإذاعة إلى إحياء هكذا مهرجانات تعتبر "سابقة من نوعها في تاريخ المهرجانات العربية". وأثنى على قيام المنظمين بتقديم مواهب فنية قطرية شابة، ما اعتبره " خطوة جبارة" للأخذ بيد الفنانين الواعدين، ما يؤكد برأيه مدى اهتمام قطر بالفن الشعبي.
البكري يعلن عودته إلى الساحة الفنية
بعد غياب طويل نسبياً، عاد الفنان البحريني محمد البكري إلى الساحة الفنية من خلال مهرجان الربيع، حيث كانت مشاركته الأولى في هذا المهرجان الذي تنظمه إذاعة "صوت الريان" بمثابة إعلان غير مباشر عن عودته إلى عالم الفن. وقدم البكري مجموعة متميزة من أجمل ما عرفه الفن الشعبي الخليجي الأصيل، من أعماله الخاصة كما من أعمال كبار نجوم المنطقة، مثل أغنية "يا الزينة ذكريني" للفنان البحريني أحمد الخميري، و"غريب" للفنان الكبير عبدالكريم عبدالقادر...
وشهدت الليلة الرابعة من المهرجان أيضاً إطلالة النجم القطري الشاب علي الراشد، الذي أظهر ما يملكه من موهبة واعدة تبشر بجيل قادم قوي في عالم الأغنية الشعبية والطرب الأصيل.
سلامة بين القديم والجديد
في لقائه الأول مع جمهور مهرجان "صوت الريان"، أهدى الفنان السعودي المتميز طلال سلامه الحضور باقة من أجمل الأغنيات من ألبومه الجديد الذي صدر منذ أيام قليلة فقط، إضافة إلى بعض الأعمال القديمة التي لا تزال حية في قلوب محبي الفن الأصيل.
وعلى هامش مشاركته هذه، اعتبر سلامة في تصريح صحافي له أن تجربته هذه هي "شرف كبير" حظي به من طرف إذاعة "صوت الريان"، معتبراً أن هذه المبادرة لإحياء هكذا مهرجان مخصص للتراث الشعبي الخليجي هي أكثر من إيجابية، ونقطة هامة "تحسب لدولة قطر التي كانت دائما سباقة على مستوى الخليج في الحفاظ على التراث وتوثيقه".
كما أشاد بالدعم الذي يقدمه المسئولون للمواهب القطرية التي تبدع في أداء الألوان الشعبية، ما يخول إبقاء هذا اللون الخليجي حيّاً ودائم الحضور في الذاكرة.
وكان النجم القطري الشاب سعيد القحطاني قد أطل على جمهور المهرجان في الليلة نفسها، وأبدع في أداء الأغنيات المختارة له، مثبتاً قدرته على حمل شعلة الأغنية الشعبية ورفعها عالياً استعداداً لنقلها بدوره إلى الأجيال القادمة.
قمة التفاعل مع رابح صقر
عرفت السهرة السادسة من المهرجان ذروة التفاعل بين الجمهور والفنان، حيث التقى النجم السعودي رابح بجمهور سوق واقف للمرة الأولى، وقد وصفت السهرة بأنها "إحدى أروع الليالي". وأشعل صقر حماسة الجمهور عند أدائه لأغنياته المتميزة التي تشكل علامات بارزة في عالم الغناء الخليجي.
وخلال ما يزيد عن ثلاث ساعات، قدم صقر أغنيات مميزة كانت على الجدول، في وقت ظل الجمهور يصفق له ويطالبه بالمزيد. وجمع الفنان في أدائه بين القديم والجديد، كما اختار بعض الأغنيات من التراث الشعبي الخليجي المعروف.
مسك الختام مع إدريس
ختام مهرجان الربيع كان مسكاً مع "دكتور الرومانسية" الفنان القدير عبدالرب إدريس، بحضور جمهور ملأ الصفوف بحثاً عن لحظات استمتاع بأروع ما خلفه التراث الشعبي. وفاجأ الفنان جمهوره بمجموعة من الأغنيات التي أعدها خصيصا لهذه المناسبة، منها "تفنن"، و "سهالت"، و"يجي الطيب على ذكره"، و" شاري الزين".. ونزولاً عند إلحاح الجمهور، قدم إدريس أغنية "ليلة لو باقي ليلة" الشهيرة، و"ما أقدر والنبي أودعك"..
حضور إعلامي قوي
مرة جديدة، كان الحضور الإعلامي قوي خلال ليالي مهرجان الربيع. فإضافة إلى فريق إذاعة "صوت الريان" التي تنظم الحدث، وممثلي وسائل الإعلام المحلية، عملت إذاعة "روتانا" على نقل تقارير يومية عن الحدث. وبثت الفضائية القطرية برنامجاً مصاحباً للحفل قام بتقديمه، وللمرة الخامسة، الاعلامي المتألق فواز الشمري.
وبرزت أخبار المهرجان ايضاً على صفحات الإعلام الخارجي، بفضل لجنة إعلامية خاصة بالمهرجان، على رأسها المنسق الإعلامي محمد المسيفري الذي تولى إدارة المؤتمرات الصحفية للفنانين على هامش الحدث.
مفاجآت مرتقبة...
وبعد أن أجمع الحضور والإعلام والمراقبون على نجاح المهرجان واستمراره في التألق دورة بعد دورة، أعلن خالد الرشدان مدير مهرجان الربيع 2010 ومدير "صوت الريان"، أن الأصداء التي وصلت عن المهرجان تجعل الفريق يشعر بالفخر بنجاح هذه الدورة، وهذا دليل على مدى السمعة الطيبة التي أصبح يتمتع بها الحدث. وقد توصلت الإذاعة برسائل شكر وتنويه من مختلف الجهات.
وكشف الرشدان عن أن الإذاعة توشك على إنهاء أشغال مسرح المهرجان الخاص الذي سيضم أكثر من 1900 مقعد، ما يسمح لجمهور أكبر بحضور الحفلات. كما شدد على أن الإذاعة تفتح أبوابها أمام الشباب القطري الراغب في تنمية مواهبه أو في العزف. ووعد الرشدان نهاية بتغييرات كبيرة خلال الدورات القادمة، وبحضور ستحضر أسماء كبيرة ستكون مفاجأة للجميع.