ما بين غياب الدراما البدوية عن الشاشة التليفزيونية وعودتها فترات متباعدة، وعلى الرغم من أن أولى إرهاصاتها كانت في أوائل السبعينيات، وتحديدا في عام 1973 من خلال مسلسل (فارس ونجود) الذي قام ببطولته كل من النجمين محمود سعيد وسميرة توفيق إلا أن الإقبال على إنتاجها لم يكن له من الحظ الوفير استنادا إلى ظروف تصويرها الصعبة واعتمادها كذلك على الموروث الشعبي التقليدي مما جعل من قاعدة جماهيريتها ضئيلا في حال مقارنتها بالدراما المصرية والسورية.
الأعمال البدوية لها طابع خاص ومختلف تماما
عن الأعمال الأخرى
وظلت الدراما البدوية غائبة لسنوات إلا إنها عادت للتألق منذ العام الماضي بعدما عرضت على الشاشة في رمضان الفائت ستة مسلسلات دفعة واحدة وهي "سعدون العواجي" و"الرحيل"،"صراع على الرمال" ،"عيون عليا" ،"أبو تايه" ،"نيران الوادي" وأخيرا مسلسل "رأس غليص".
وكانت هذه الأعمال الستة دافعا لتكرار التجربة البدوية خاصة في ظل النجاح الذي استطاع بعضها أن يحققه لتظهر هذا العام على الشاشة التليفزيونية في رمضان ثلاثة أعمال بدوية وهي "فنجان الدم" و"قبائل الشرق" و"جمر الغضا".
وبالنسبة إلى المسلسل الأول "فنجان الدم" والذي واجه ظروفا عصيبة مع الرقابة وتم منعه من العرض عاما كاملا بعد تقرير الرقابة الذي أقر بإساءته إلى قبائل الجزيرة العربية إلى أن تم الإفراج عنه هذا العام وشارك في بطولته نجوم عرب كثيرون على رأسهم السوريين جمال سليمان وغسان مسعود والأردني إياد نصار بالإضافة إلى الفنانة المغربية ميساء مغربي،
تدور أحداث "فنجان الدم" الذي قام بتأليفه عدنان عوده وأخرجه ليث حجو حول المجتمع البدوي في بلاد الشام أثناء حقبة القرن أل 19 وتسليط الضوء على أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وتفتت الإمبراطورية العثمانية وتولي إمبراطوريات أخرى مهمة السيطرة على المنطقة.
وحول عودة الدراما البدوية إلى الشاشة وتوقعات استمرارها من عدمه أكد الفنان إياد نصار أحد أبطال "فنجان الدم" لموقع "مسلسلات اون لاين" أن الأعمال البدوية لها طابع خاص ومختلف تماما عن الأعمال الأخرى من حيث تركيزها على العادات والتقاليد البدوية القديمة وليس كما يقال أن هناك فكرا سياسيا قبائليا يحاول صناع الأعمال البدوية فرضه لان ذلك ضد الواقعية وظروفنا الحيايته تماما فليس من المعقول على سبيل المثال أن يسيطر فكر القبائل على حياتنا المدنية في الوقت الراهن بأي حال من الأحوال،
صراع القبائل
الأعمال التاريخية قد حلت إلى حد ما محل
الأعمال البدوية
ظهر كذلك هذا العام على الشاشة في شهر رمضان المسلسل البدوي (قبائل الشرق) الذي يدور حول التنازع بين شيوخ القبائل على سيادتها والسيطرة عليها بأفكارهم التي لا يتفق معها أهل القبيلة مما يتسبب في إحداث الكثير من المشاكل بين سكان القبائل من جانب وبين المتنازعين من الشيوخ على الجانب أخر.
من جانبه فقد أشار مخرج العمل فايز دعيبس إلى أن مسلسل (قبائل الشرق) يحسب له أنه العمل البدوي الوحيد الذي يجعل من العقل وليس السلاح الكلمة العليا على النقيض تماما مما هو معتاد في القبائل من انتصار لغة السلاح على العقل البشري،
واكمل دعيبس قائلا أن الدراما البدوية نجدها قليلة إلى حد كبير لان أسلوب تصويرها صعب فعلى سبيل المثال فقد تم تصوير مسلسل (قبائل الشرق) في قلب الصحراء الأردنية أي كل التصوير تم خارجي وهو شيء ليس سهلا على الإطلاق لذا فقد عزا دعيبس قلة الإقبال على إنتاجه نظرا لصعوبته وتكاليفه العالية،
يشارك في بطولة (قبائل الشرق) الفنان السعودي يحي الغماري كل من النجوم رشيد عساف وعبير عيسى ورنا الأبيض عن قصة وسيناريو وحوار رعد الشلال وإخراج فايز دعيبس.
وتعقيبا على إلقاء مسؤولية قلة الأعمال البدوية إلى الإنتاج فقد أوضح المنتج صفوت غطاس أن العمل البدوي وبعيدا عن تكاليفه الإنتاجية العالية فهو شخصيا لا يستطيع المجازفة بالإقبال على إنتاجه نظرا لان قاعدة جماهيريته ليست عالية مما يصعب من عملية التسويق على القنوات الفضائية حيث تقتصر مشاهدته على قطاع الجمهور الخليجي كالسوري والأردني خاصة ممن عاشوا بجوار بعض القبائل حيث يهتمون بهذا النوع الدرامي، "وارى" - والكلام على لسان غطاس – " أن الأعمال التاريخية قد حلت إلى حد ما محل الأعمال البدوية".
صعوبة تسويقها
يتوقعون عدم استمرارية الأعمال البدوية استنادا
إلى عدم إقبال المنتجين
وعن إمكانية الكتابة للدراما البدوية فقد قال المؤلف محمد صفاء عامر أن كتابة النص البدوي مثل التاريخي بفارق التركيز على العادات والتقاليد الإنسانية للشعب اكثر من التركيز على الجانب السياسي ولا صعوبة في ذلك على الإطلاق.
وعاد عامر ليؤكد أن الكتابة لهذا النوع لا يحبذها حيث تقتضي العيش وسط القبائل حتى يظهر العمل بشكل اكثر واقعية ومصداقية تماما كما يفعل في الدراما الصعيدية التي يفضل الكتابة فيها لمعايشته طيلة حياته للمجتمع الصعيدي مما سهل من إمكانية نقل حياتهم على الورق،
وعن متابعته للدراما البدوية كما قال الفنان محمود ياسين مشيرا إلى انه متابعا لأحداث المسلسل البدوي (جمر الغضا) فأكد أن العمل لفت نظره حيث لا يدور في إطار قبلي تقليدي بل يرصد بعض قصص الحب والحديث عن الثأر بين عدد كبير من القبائل البدوية في نهايات العهد التركي وهو ما نجح في إيصاله بشكل كبير المؤلف جبريل الشيخ والمخرج سعود فياض وأضاف محمود ياسين قائلا أن الدراما البدوية ليس لها حظ وفير وعزا ذلك إلى تدخل الرقابة الشديد كما أن الحديث عن الموروث الشعبي ليس شيء جذاب للجمهور وأكد ياسين انه لا يتوقع نجاحا كبيرا للدراما البدوية في مصر لان جمهورها يتركز في دول الخليج على وجه الخصوص.
من ناحيته فقد أوضح الناقد لويس جريس أن الدراما البدوية لم تستطع أن تكون قاعدة جماهيرية عريضة خاصة في ظل سيطرة نظيرتها السورية والمصرية على الساحة الفنية حيث لم يبحث الجمهور عنها للهفته دوما إلى مشاهدة الحداثة وعدم الالتفات إلى الموروثان الشعبية لذا أتوقع عدم استمرارية الأعمال البدوية استنادا إلى عدم إقبال المنتجين عليها نظرا إلى صعوبة تسويقها.