قبل نحو عام من دخولها الحرب العالمية الثانية عقب هجوم بيرل هاربر، عاشت الولايات المتحدة الأميركية خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1940 على وقع الانتخابات الرئاسية التاسعة والثلاثين بتاريخ البلاد. وبهذه الانتخابات، اتجه الرئيس، المنتهية ولايته، فرانكلين روزفلت للترشح عن الحزب الديمقراطي، أملا في الفوز بولاية ثالثة حيث كان الأخير قد فاز في السابق بانتخابات عامي 1932 و1936. وبانتخابات العام 1940، واجه فرانكلين روزفلت نظيره الجمهوري وينديل ويلكي (Wendell Willkie).
الأجواء قبل انتخابات 1940
خلال الانتخابات التي سبقت دخولها الحرب العالمية الثانية، عاشت الولايات المتحدة الأميركية على وقع أجواء مشحونة حيث حاول الرئيس المنتهية ولايته فرانكلين روزفلت إبعاد بلاده قدر المستطاع عن النزاع العالمي. فضلا عن ذلك، روّج الأخير بالسابق لفكرة حفاظ الأميركيين على حيادهم وتجنب أخطاء الحرب العالمية الأولى. مع تزايد حدة التوتر على الصعيد العالمي وتخوف كثيرين من دخول الأميركيين الحرب ضد الألمان، واجه الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت أزمة هددت بقاءه بالسلطة لولاية ثالثة.
فقبل العام 1936، فضّل الأميركيون ذوو الأصول الإفريقية التصويت للحزب الجمهوري باعتباره حزب أبراهام لينكولن مجهض العبودية. وبانتخابات العام 1936، اتجهت هذه الفئة من الأميركيين للتصويت للمرشح الديمقراطي فرانكلين روزفلت بسبب نجاح خطته التي سعى من خلالها لإنقاذ البلاد من مخلفات الكساد الكبير. وحسب عدد من التقديرات، حصل روزفلت بانتخابات العام 1936 على ما يقارب 71% من أصوات السود الأميركيين. وبحلول العام 1940، آمن المرشح الديمقراطي بإمكانية تصويت ذوي الأصول الإفريقية له وتأييده تماما مثل ما حصل عام 1936.
خطة روزفلت
ومع تزايد حظوظ دخول الأميركيين الحرب العالمية الثانية، اتجه عدد كبير من ذوي الأصول الإفريقية للتطوع بالجيش الأميركي. وفي الأثناء، اصطدم هؤلاء بالقوانين العنصرية وسياسة التمييز العنصري التي تواجدت في صلب الجيش. في غضون ذلك، لم يحرك فرانكلين روزفلت ساكنا لتغيير هذا الوضع ومنح السود مزيدا من الحقوق بالجيش الأميركي. وبسبب هذا السلوك، أثار المرشح الديمقراطي غضب هذه الفئة من الأميركيين التي مالت في المقابل لمنافسه الجمهوري وينديل ويلكي الذي عرف بنشاطه وتأييده لفكرة منح مزيد من الحقوق لذوي الأصول الإفريقية. يوم 28 تشرين الأول/أكتوبر 1940، اهتزت الولايات المتحدة الأميركية على وقع حادثة كادت أن تكلف روزفلت أصوات المواطنين السود. فعقب مغادرة روزفلت لأحد الاجتماعات بنيويورك، أقدم أحد مساعديه على ضرب شرطي أميركي من أصول إفريقية.
ومع تناقل وسائل الإعلام الأميركية لأطوار هذه الحادثة، قدّم مساعد روزفلت اعتذارا فاترا زاد الطين بلة. أملا في تدارك الوضع، أعلن فرانكلين روزفلت قبل يومين من الانتخابات عن إنشاء فيلق طياري توسكيجي (Tuskegee Airmen) صلب الجيش الأميركي. وقد تكون هذا الفيلق من طيارين أميركيين انحدروا من أصول إفريقية. من جهة ثانية، وافق روزفلت على ترقية الكولونيل بنجامين دافيس جونيور (Benjamin O. Davis Jr) لرتبة عميد ليصبح بذلك الأخير أول عسكري من أصول إفريقية يبلغ هذه الرتبة. وبفضل هذه الخطة الأخيرة، تمكن فرانكلين روزفلت من كسب رضا عدد كبير من ذوي الأصول الإفريقية. وبانتخابات 1940، حقق الأخير فوزا سهلا عقب حصوله على 449 مقعدا بالمجمع الانتخابي مقابل 82 فقط لمنافسه.
نن