في ظاهرة غريبة لم يشهدها السودان من قبل، وثق مشهد انتشر بشكل واسع على مواقع التواصل خروج الهواء من باطن الأرض، وكأنها "تتنفس". فقد أظهر المقطع، الذي تم تصويره في شمال البلاد، تيارات هوائية قوية تصعد من باطن الأرض إلى السطح عبر تشققات وتجاويف في الصخور الرملية الجافة، وسط اندهاش السكان المحليين.
وقال أحد شهود العيان: "لم أرَ شيئًا كهذا في حياتي. بدا وكأن الأرض تُطلق أنفاسها، وكأن هناك قوة كامنة تتفاعل مع ما يجري في السماء من أمطار وسيول". في حين أضفت تلك الظاهرة، التي ترتبط بارتفاع منسوب المياه الجوفية وتغير الضغط الداخلي للتربة بفعل تدفق المياه السطحية إلى باطن الأرض، المزيد من القلق على الأحداث المناخية التي شهدتها المنطقة هذا العام.
ظاهرة غريبة.. "الأرض تتنفس" في السودان
"ما علاقة تغير المناخ؟"
من جانبه، أوضح الدكتور خلف الله عثمان أن "ما يحدث هو عملية تهوية للتربة، وهي إحدى العمليات الحيوية الأساسية في النظام البيئي". كما أضاف أن "هذه العملية تساهم في إطلاق الكربون على شكل ثاني أكسيد الكربون". وأشار إلى أن ارتفاع تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي يُعد محفزًا رئيسيًا، وهو علامة على التغير المناخي الذي يشهده كوكب الأرض. كذلك أكد أن الدراسات تشير إلى وجود ارتباط وثيق بين زيادة درجات الحرارة والرطوبة وكمية ثاني أكسيد الكربون المنبعث من التربة.
يُذكر أن المناطق الصحراوية القاحلة في شمال السودان شهدت موجة غير مسبوقة من السيول والأمطار الغزيرة خلال موسم الأمطار الحالي، في ظاهرة نادرة تحدث كل بضعة عقود. إذ تحولت المنطقة، التي اعتاد أهلها على شح المياه والتعايش مع ظروف الجفاف القاسية، إلى مساحات شاسعة مغمورة بالمياه، وتدفقت السيول من المرتفعات لتشكل مشهدًا مذهلًا يناقض البيئة الصحراوية القاحلة التي طالما عُرفت بها.
كما حملت السيول معها مفاجآت أخرى، فقد تحولت بعض المناطق التي كانت تعاني من ندرة المياه تحولت إلى مسطحات خضراء صغيرة، حيث بدأت النباتات في النمو من جديد، في مشهد لم يكن في الحسبان. لكن رغم تلك المشاهد التي تعكس قدرة الطبيعة على التجدد، إلا أن السكان قلقون من استمرار مثل هذه السيول التي قد تتسبب في دمار البنية التحتية البسيطة وتهدد منازلهم ومزارعهم.
لاسيما أن خبراء البيئة أكدوا أن الأمطار والسيول التي اجتاحت هذه المنطقة النائية في شمال السودان ليست مجرد ظاهرة مناخية عابرة، بل قد تكون مقدمة لتغيرات أعمق في أنماط المناخ الإقليمي، مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة التقلبات الجوية، مما يدعو المختصين إلى دراسة أوسع لتأثير هذه التغيرات على المنطقة ومستقبلها.