يوم 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1799، قاد نابليون بونابرت، بمساعدة شقيقه لوسيان بونابرت والسياسي إيمانويل جوزيف سياس (Emmanuel-Joseph Sieyès)، ما عرف بانقلاب 18 برومير (18 Brumaire) الذي أنهى بموجبه وجود حكومة المديرين لتحل بدلا منها حكومة القناصل. وبحلول العام 1804، استفرد نابليون بونابرت بالسلطة عقب تنصيبه لنفسه إمبراطورا على فرنسا. إلى ذلك، كان لنابليون بونابرت تأثير كبير على مستقبل مناطق عديدة من العالم. فإضافة لتأثيره على القارة الأوروبية، لعب الأخير دورا هاما، غير مباشر، في استقلال دول أميركا اللاتينية. وفي الأثناء، تسببت السياسة والحروب التي خاضها نابليون بونابرت بأزمات عديدة بوطنه فرنسا وقد تجسدت أبرزها في تراجع عدد السكان خلال سنوات حكمه.

الحروب النابليونية
ما بين عامي 1803 و1815، عاشت القارة الأوروبية على وقع الحروب النابليونية التي سميت كذلك نسبة للإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت. وقد جرت هذه الحروب بتلك الفترة ما بين الإمبراطورية الفرنسية ومجموعة متقلبة من التحالفات الأوروبية التي نشأت لكبح جموح التوسع والهيمنة الفرنسية بأوروبا عقب الثورة الفرنسية التي أدت لإلغاء الملكية وإعلان قيام الجمهورية.

إلى ذلك، اندلعت المرحلة الأولى من الحرب عقب إعلان بريطانيا الحرب على فرنسا خلال شهر أيار/مايو 1803. وبحلول كانون الأول/ديسمبر 1805، هزم نابليون النمساويين، المتحالفين مع البريطانيين، بمعركة أوسترليتز (Austerlitz) وأجبرهم على عقد سلام. وبالعام التالي، شكلت بروسيا تحالفا جديدا ضد فرنسا أملا في وقف توسعها بشرق أوروبا. وبشكل سريع، نجح نابليون في الحاق الهزيمة بالنمساويين والروس ليجلب بذلك سلاما هشا للقارة الأوروبية. وسنة 1809، اندلعت الحرب مرة أخرى عقب تكوين النمسا لتحالف جديد. ومرة أخرى، نجح نابليون في إلحاق الهزيمة بهذا التحالف بمعركة فاغرام (Wagram).

وبسبب خلافاته مع روسيا، شن نابليون بونابرت حملة عسكرية ضد الروس عام 1812. ولعوامل عديدة كالطقس البارد والأوبئة، تلقى نابليون بونابرت هزيمة بروسيا ليعود بذلك أدراجه نحو باريس. وسنة 1813، تشكل تحالف جديد ضد فرنسا. وبالأشهر التالية، تمكنت قوات هذا التحالف من دخول باريس ليجبر بذلك نابليون على التنحي من منصبه. خلال شهر شباط/فبراير 1815، فر نابليون بونابرت من منفاه وعاد لفرنسا ليستلم عرشه من جديد لمدة قاربت المئة يوم. وبتلك الفترة، تشكل تحالف جديد ضد فرنسا. وعقب هزيمته بمعركة واترلو (Waterloo)، تنحى نابليون عن منصبه لينفى بذلك نحو جزيرة سانت هيلينا بعرض المحيط الأطلسي.

مقتل 3 % من الفرنسيين
ما بين عامي 1800 و1815، جندت فرنسا أكثر من 2.2 مليون عسكري بجيوشها. ومن ضمن هؤلاء، تحدث موقع fondation Napoléon، الذي يديره المؤرخ الفرنسي تياري لانتز (Thierry Lentz) المختص بشؤون الفترة النابليونية، عن مقتل ما بين 900 ألف ومليون منهم بسبب الحروب التي تسبب فيها نابليون بونابرت. ومن ضمن هؤلاء القتلى، توفي نحو 439 ألفا على ساحات المعارك وبالمستشفيات بسبب تبعات الإصابات التي تعرضوا لها.

وفي الأثناء، توفي البقية لأسباب أخرى عديدة كالأوبئة والأمراض والجوع وحالة الطقس السيئة أثناء غزو روسيا. من جهة ثانية، شهدت الفترة ما بين عامي 1812 و1814، التي تزامنت مع بداية الحملة النابليونية على روسيا، سقوط 50 بالمائة من هؤلاء القتلى. وإضافة لذلك، شهدت الحروب النابليونية مقتل عدد آخر من المدنيين الفرنسيين. حسب الإحصائيات، قدر عدد سكان فرنسا بتلك الفترة بحوالي 30 مليون نسمة. وبسبب حروبه، تسبب نابليون بونابرت في مقتل ما يقارب 3 بالمائة من الشعب الفرنسي.