الطفل من برج القوس هو مهرج صغير يُحب أن يلفت الأنظار اليه، وأن يدخل البهجة إلى قلوب من حوله، إذا تم اهماله أو تركه وحيدا بدأ فورا بالبكاء للتعبير عن احتجاجه ورفضه لهذا الاهمال، أو اندفع يفتش عن أي صوت أو رائحة تشير الى وجود بشر، وإذا لم يستطع الحصول على رفيق أو أنيس، انصرف لمعاشرة دمية أو حيوان أليف يحبه ليمنحه الدفء والطمأنينة والحنان الذين لم يعطيه اياهم الاخرون.
إن الاحتكاك والاختلاط بالناس على اختلاف مستوياتهم وأعمارهم هو غذاء رئيسي لهذا الطفل تماماً كالطعام والشراب، واذا أضفنا على تلك الحاجة فضوله الشديد تجاه كل الأمور والقضايا، استطعنا أن نفهم سبب ملاحقته الكبار، والاستمرار في طرح الأسئلة بكثرة عليهم، " لماذا " هي كلمة يُرددها منذ الصباح وحتى المساء، ويهدف من ورائها لمعرفة كل شيء وبالتفصيل، فهو يسأل كثيرا عن الله، والحياة، والموت، وكذلك الولادة، والقوانين والأنظمة، كافة هذه القضايا تشغل باله، لذلك تراه دائما يطلب الحصول على اجابات صريحة وصادقة، واذا رفض الاخرون تقديم الشرح الوافي له، غضب وهدد بالتمرد عليهم وعلى أوامرهم.
يحب طفل برج القوس كلا من الطبيعة، والهواء النقي، وممارسة الرياضة، والصيد، وكثيراً ما يذهب الى الحقول والى الشاطئ برفقة صديقه الكلب وبندقيته وشبكة ليصطاد فيها العصافير أو الأسماك، لكنه يتعثر ويقع بشكل كبير خلال هذه النزهات، فيعود منها بعدد من الكدمات والجروح، ان هذا الطفل يتعرض للعثرات على الصعيدين الجسدي والنفسي بسبب تطلعاته إلى الأعالي، وانشغاله بأفكار وأحلام عظيمة تـُراوده، وبالغالب تكون متعلقة بمستقبله، في مرحلة الطفولة يحلم مولود القوس بأن يصبح راهباً أو رجل دين، الا أنه وبعد أن يكبر، يتحول بشكل تدريجي إلى نوع من أنواع التفكير الجدلي الذي يتسبب بدفعه للشك أو الإلحاد أو حتى الى دراسة الديانات الأخرى لعله يجد في داخلها الحقيقة الكاملة التي يسعى اليها.
من أهم أمنيات هذا الطفل هي الحصول على الثقة الكاملة من أهله، في الوقت نفسه الذي يسعى فيه للتحرر منهم، مثال على ذلكً إذا وُضع طفل القوس في مدرسة داخلية أو ذهب للدراسة في بلد ما، قد تمر الأيام من دون أن يرسل ولو بكلمة واحدة إلى أهله ليطمئنهم بها على نفسه، الا أن تصرفه هذا لا يدل على الخبث أو سوء النية، بالمقابل نراه يتعلق كثيرا بمدرسته ووزملائه، ويتفوق في دراسته بسبب ذكائه وفضوله وطرحه الكثير من الأسئلة، الذي يجعله أكثر الطلاب استيعاباً للأساليب التعليمية الحديثة، إن هذا الطفل يستحق الحصول على اهتمام المعلم المرن وذو الخيال الخصب، وعندما يوجد هذا الأخير فان طفل القوس يظهر مواهب عظيمة تقترن بأفضل الصفات مثل الصدق والاستقامة والأمانة، لكن إذا ما ارتكب أخطاء وهفوات مقصودة، يكون هذا ردا على سوء معاملته، وعدم الثقة به.
يميل الطفل القوس إلى الكرم والتبذير في بعض الأحيان، لذلك يجب على والديه تعويده منذ الصغر على الاعتدال والالتزام بميزانية محددة، كما يجب عليهم تربيته على احترامهم، ومراعاة مشاعرهم، وعدم المس في كرامتهم بصراحته المعروفة، ومن الأمور الأخرى التي يجب على الأهل والمدرسين تعليمها لهذا الطفل، الجنس، والحمل، والولادة، وغيرها، والسبب في ذلك هو اهتمامه المبكر بالجنس الآخر، الأمر الذي قد يتسبب في وقوعه بالمشاكل أحيانا، إذا لم تكن لديه المعرفة والخبرة اللازمتين.
إذا قمنا بوضع حسنات طفل برج القوس وسيئاته بكفتي الميزان، وجدنا أن حسناته أكثر من سيئاته بكثير، ممّا يجعلنا على يقين تام بأنه طفل رائع بكل ما تحمل الكلمة من معنى، يكفي أن الحظ يلازمه مهما نتج عنه من أقوال أو أفعال.